رئيس جماعة سيدي قاسم بين سندان الوعود الانتخابية وإكراهات الواقع.

الحقيقة 2419 نوفمبر 2021
رئيس جماعة سيدي قاسم بين سندان الوعود الانتخابية وإكراهات الواقع.

حامد وضاح


سؤال طرحته ،كما طرحه العديد من القاسميين، إبان صراع السيد أوعيسى من أجل نيل تكليف رئاسة جماعة سيدي قاسم:
ما الذي سيجده السيد اوعيسى في تسيير جماعة تئن تحت وطأة العديد من الإكراهات، كجماعة سيدي قاسم، ولم يجده في تسييره لقطاع حيوي كقطاع الماء ،والذي يسير سنويا بميزانية تبلغ الملايير؟
كيف سيستطيع السيد أوعيسى ان يفي بالوعود التي قطعها على نفسه أمام الناخبين في مرحلة الدعاية الانتخابية، والتي كلها كانت تلتقي تحت هذا العنوان العريض الرنان: التغيير؟ وهو تغيير: من ماذا؟ ولأجل ماذا؟ هل السيد أوعيسى تشبع بما يكفي من مبادئ الممارسة السياسية خولت له امتلاك وصفة سحرية لتغيير هذا الواقع القاسمي الذي ظل مستعصيا عن كل تطويع منذ

عهد الاستقلال، أم أن الله خصه بكرامة من كرامات الاولياء الصالحين تهيئ له كل الطرق لتحويل الممكن الى اللاممكن؟ وهذه هي النقطة المهمة في سؤال التغيير هذا.
تخبرنا الادبيات السوسيولوجية أن الاحلام عندما لا تراعي شروط الواقع تصبح أوهاما، كما تخبرنا أن أشد خطر على حياة الناس هو أن نجعلهم يعيشون في الأوهام حتى يصبحوا يعتقدون انها هي الحقيقة ذاتها.


وبعيدا عن عسل الوهم وقريبا من مرارة الواقع، نجزم أن مدينة سيدي قاسم ظلت منذ سنوات وهي تعيش على سرير الاحتضار وأن العديد من الوصفات لم تستطع إنعاشها، والمسؤولية،هنا، نتحملها جميعا بين سياسي فاشل ومسؤول فاسد ومواطن خاضع او غير مبال. فتحولت من مدينة كانت رائدة في الصناعة الغذائية والبترولية، ومن مدينة التربية والتعليم والتكوين المهني المزدهرين و من مدينة الخضرة والنظام والرياضة والفنون والترفيه..، إلى مدينة ممسوخة لا هي بالمدينة و لا هي بالقرية، بل هي اندماج هجين بينهما.
لا يمكن لمدينة ان تحظى بتنمية حقيقية وكل مداخيلها تحصلها من عائدات الضريبة على القيمة المضافة، بمعنى آخر أنها تحصلها من صدقة وزارة الداخلية على الجماعات المعطوبة اقتصادا وتنمية. ولا يمكن لمدينة لا تتوفر على امتداد عقاري كما أن معظمه في ملكية اما الخواص او الأملاك المخزنية أن تحظى بتنمية حقيقية. لا يمكن لمدينة هربت منها الطرق ومعها المستثمرون وجل مؤسساتها الانتاجية أغلقت أبوابها وغادرت ليلا بدون رجعة وبلا أسف، ان تحظى بتنمية حقيقية. كما لا يمكن لأي مدينة ان تحظى بتنمية حقيقية وجل موظفي جماعتها دخلوها من باب الريع السياسي على حساب الكفاءة والتكوين الإداري الرصين. كما لا يمكن لأي مدينة أن تحظى بتنمية حقيقية وهي ضاربة في الترهل، حيث تبدو كعجوز شمطاء لا تتوفر على أي علامة جمال يمكن أن تغري المستثمر لتوظيف أمواله فيها. كما لا يمكن لأي مدينة أن تعرف تنمية حقيقية وكل الاوراش التي تعرفها يكون مصدرها إما المجلس الإقليمي او المبادرة الوطنية للتنمية البشرية…، و هي تنمية مفروضة عليها من الفوق أي من من يمول هذه المشاريع، اذ التنمية الحقيقية إنما يجب ان تنبع من الداخل كمطلب محلي ملح.


كل هذه العوامل تفيد ان طريق التنمية الحقيقية بسيدي قاسم ملئ بالأشواك والنتوءات، وكل سياسي سيرفع شعار التغيير والتنمية بسيدي قاسم سأصرخ في وجهه : انت مجرد دجال ومدع ومخادع، إذ طرق التنمية واحدة وواضحة.
ومن هذا المنطلق سألتمس العدر للسيد اوعيسى – الذي يبدو ان دخوله الحياة السياسية ونجاحه في استثمار الصراع الابدي بين عائلتي آل الحافظ وآل ابن زروال للحصول على الرئاسة – اذا ما فشل في تحقيق ما وعد به الناخب يوم 8 شتنبر، فللواقع إكراهاته التي ستعري عن حماس السيد أوعيسى السياسي الزائد، لكن هذا لا يطعن في غيرته وحبه لمدينة سيدي قاسم التي اختارها دون القنيطرة او تيفلت لتكون قاعدة لممارسته السياسية.

وبدل ذلك إني اراهن على هذه الغيرة ونيته الطيبة والتي ستجعله ألا يستسلم امام مثبطات الواقع والا يدخر جهدا ليخرج بالمدينة من هذا الواقع المتردي إلى رحاب التنمية الحقة التي تجعل من التشغيل أهم تحدياتها والقضاء على آفة البطالة والفراغ التي تنخر حياة الشباب القاسمي. واولى طرق النجاح في هذا التحدي، هو إقامة علاقة تقوم على الاحترام لمكونات المعارضة والانفتاح بشكل إيجابي على اقتراحاتها وليس في ذلك اية عقدة نقص. ثاني هذه الطرق، هو الانفتاح على كل برلمانيي الإقليم للاستفادة من دفاعهم على مصلحة الإقليم ومعه مصلحة المدينة . وثالث هذه الطرق، هو إقامة علاقة طيبة مع السيد العامل والكاتب العام وقسم المبادرة ، وأن يتحرر من عقدة “مهندس دولة” في تعامله معهم وأن يتمتع بفضيلة الانصات والالحاح في تحقيق مطالب التنمية للمدينة. ورابع هذه الطرق الا يكون مجرد كومبارس زرع قسرا في رئاسة جماعة سيدي قاسم لتحقيق مصالح الكبار ودفعه الى ارتكاب بعض التجاوزات الخطيرة،ومنها تسلم حديقة الموت لأنها حديقة أقيمت خارج قوانين السلامة، وكذلك تجزئة كومابرا التي يريد صاحبها تغيير دفتر التحملات بعدما نال صفقتها بشروط محددة وملزمة، وكذا تسلم مجموعة من مشاريع إعادة التأهيل لسوء جودتها بالمدينة، وبدل ذلك ان يمارس سلطته بكامل الصرامة والاستقلالية. وألا يتغاضي على تجاوزات رئيس فريق الاتحاد القاسمي لكرة القدم الذي اصبح يعتقد انه خوصص الفريق وأنه أصبح في ملكيته وبالتالي يحق له ان يذهب به إلى الهاوية بكل اطمئنان. و عليه أن يدرك أن أي ضعف في شخصيته السياسية سيجعله يكون على مرمى نيران معارضة قوية واحتجاجات المواطنين الذين ما عادوا يطيقون المزيد من الهدر للزمان التنموي بسيدي قاسم.


تجدر الإشارة أني كنت من الأوائل الذين خصصوا مساحة للسيد اوعيسى على صفحة الملاحظ الجهوي كبقية المترشحين ولم أنحاز للنزوعات القاضية باعتبار اوعيسى ليس من حقه الترشح بسيدي قاسم لأنه ليس قاسميا وأنه مجرد عابر سبيل ،ايمانا مني ان من مزقوا اوصال سيدي قاسم وجعلوها لا تتوقف على النزيف هم بعض أبناؤها لا سامحهم الله ، وأنه آن الأوان لنعطي الفرصة لغير أبنائها عل وعسى “تكون فيهم الفايدة”.


كما على السيد اوعيسى ان يتملك شجاعة قول الحقيقة وان يبين الإكراهات المتعددة التي كان يشتغل فيها سلفه السيد محمد الحافظ ، وأنه رغم ذلك لم يستسلم وتابع نضاله في قبة البرلمان مترافعا على الكلية متعددة الاختصاصات وعلى إعادة تأهيل ملعب العقيد العلام وعلى فتح شركة سامير دون أن ننسى بناء حديقة الأمير المولى الحسن و الشباك الاتوماتيكي الوحيد.
سيدي الرئيس مهندس الدولة، السيد أوعيسى…، هذه هي عصيدة تسيير جماعة سيدي قاسم، وأتمنى من الله أن تسلم يديكم من الاحتراق فيها، لأنها عصيدة شديدة السخونة وثقيلة لدرجة الملل حتى لا نضيف لمتحف الإعاقة السياسي الجماعي بسيدي قاسم إعاقة جديدة.
والله ولي التوفيق.

الاخبار العاجلة