* أول مدينة مغربية استقطابا للهجرة القروية ؛
* البعد الجغرافي القروي عنها يمتد بين 12 ـ 100 كلم ؛
* القبائل التي تحيطها تصل إلى أكثر من 20 قبيلة مع فروعها ؛
* تعداد ساكنتها ( حسب آخر إحصاء ) يرتبها ثالث أكبر مدينة مغربية من حيث الكثافة السكانية ؛
* تحتضن أكبر مخزون سياحي معماري تراثي حضاري إسلامي ؛
* كانت عاصمة إدارية واقتصادية لأسر مغربية حاكمة ؛
* تعتبر الشريان الرابط بين شمال المغرب وجنوبه ؛
* حزامها الحضري يمتد في شكل مستطيل لأكثر من 50 كلم ، معظم بنائه عشوائي ؛
* سرير استشفائي واحد 1 لكل 5000 نسمة ؛
* معدل التلاميذ في كل حجرة دراسية 40 تلميذا ؛
* معدل البطالة يفوق نسبة 30% ، و 80% في وسط الإناث ؛
* عدد السيارات ( بجميع أصنافها ) يقارب نصف المليون ، فإذا رغبت في ولوج مقهى عليك البحث عن مركن لسيارتك قد يبعد
بنحو 1 كلم أو أكثر ، ورما غير محروس ؛
* أقسام المستعجلات الاستشفائية ، تشهد كل يوم مظاهر نواح وتأبين !
* إذا هممت بالنزول من حافلة للنقل الحضري ، امتدت إليك أيادي بعض الركاب طمعا في تذكرتك !
* الحي الجامعي ـ ظهر المهراز ـ تحول في السنوات الأخيرة إلى فضاء للاقتتال بين الفصائل الطلابية ؛
* معدل الجرائم من 5 إلى 10 في الشهر ، ويعرف تصاعدا في رمضان وعيد الأضحى ؛
* أكثر من نسبة 80% ممن يشملهم العفو مما تبقى من عقوبة السجن تعود ؛ إلى زنازنها ؛ بعد أسبوع أو أسبوعين من إطلاق
سراحها ، وتعد السجون بفاس الأكثر اكتظاظا .
سكان المدينة العتيقة يتلون الشهادتين كل يوم ماطر
العابر لأحياء مدينة فاس العتيقة بدءا بالأقواس ، ودرب باللمطي ، ودرب قليلي ، وسيدي عبد الرحمن مليلي ، والخفية ، وقنطرة بروس ، والخراشفيين ، والجزيرة ، وبين المدن ، والمشاطين ، ومصمودة ، والطالعة الكبيرة … يخال نفسه وكأنه يجتاز دهاليز وكهوف ومغاور ، تعرف جدرانها تصدعات عميقة وشقوقا ناتئة ؛ بعضها على وشك الانهيار ، فعمدت السلطات المحلية إلى دعمها بأعمدة وألواح خشبية غير مأمونة . ومن فرط الخوف الذي يسكن نفوس ساكنة هذه الدور الآيلة للسقوط اعتادوا ؛ كل يوم ماطر ؛ على تلاوة الشهادتين !
الملك يقف على تلاعبات في برنامج إنقاذ المدينة
لقد ابتليت المدينة بمحن ، وعلى مستويات عديدة ، يقف وراءها تلكؤ المسؤولين ، ولهثهم وراء حصولهم على نصيبهم من الكعكعة في كل برنامج يروم إصلاح أو ترميم أو تأهيل فضاء بالمدينة .
وقد سبق للملك أن دشن ؛ في مارس 2013 ؛ برنامج إنقاذ مدينة فاس ، ” وقد كان يتوخى من ترميم وإعادة تأهيل المآثر التاريخية ، ومعالجة المساكن المهددة بالانهيار وسط المدينة العتيقة ” ، وبعد مرور أزيد من تسعة عشر شهرا على مراسيم الاتفاقية بين عدة قطاعات وزارية ، وفي زيارة مفاجئة له ، وقف على بطء الأشغال وتعثرها أمام مواقع عديدة كبرج سيدي بونافع حيث لم تتجاوز الأشغال فيها نسبة 5% بدلا من 40% ، هذا إلى جانب ” وضعية المرحلة الثانية من البرنامج والتي ظلت مجهولة ؛ والتي تهم التدخل في 3666 عقارا سكنيا مهددا بالانهيار والذي يتطلب هدم 143 بناية ومعالجة 1586 بناية مصنفة ضمن الدرجة الأولى من التدهور ، فضلا عن التدخل في 942 مبنى ، واتخاذ إجراءات احترازية بشأن 996 بناية أخرى ” هذه البرامج تم رصد مبالغ مالية لها ب 285 مليون درهم للمعالم التاريخية و 330 مليون درهم للبنايات المهددة بالانهيار .
كما أن صفقة البرنامج العام لإنقاذ المدينة تم توزيعها على 14 مقاولة غير مؤهلة من أصل 38 مقاولة التزمت بالاشتغال في أوراشها . هذا وإن تعثر المشاريع لقصة مألوفة لدى السكان ، فكم من مرة وقف الملك ؛ بعين الأمكنة ؛ على هذه اللامبالاة ، أو توقف الأشغال غير المبرر ، أو إلغائه لتدشينها كلما لاحظ أنها لا تحمل المواصفات المسجلة في الاتفاقيات .
إجرام بالجملة مع مفارقة !
منذ ست سنوات ، ومع بداية اندلاع شرارة الربيع العربي ؛ ظهرت في أحياء المدينة ” ميليشيات مدنية ” بعصي وهراوات ؛ زعم بعض أعوان السلطة أنها مأمورة بحماية الأزقة والأحياء من الدخلاء أو المشتبه فيهم لإيقاد ” نار الفتن ” ، أو إقدامهم على ترويع السكان والقيام بأعمال تخريبية في الممتلكات العامة … وقد أخذ نفوذها يتقوى مع حلول موسم الانتخابات العامة حيث اتخذتها بعض الأحزاب السياسية في المدينة ” بلطجية ” وأذرعها الصلبة ، وسرعان ما تحولوا ؛ مع مرور الزمن ؛ إلى عصابات إجرامية مستقلة بعدد من المقاطعات الحضرية ، ومناطق المدينة . احترفت في البداية عمليات اعتراض سبيل المارة ، فالسطو على الممتلكات ، إلى مصادرة أمتعة ركاب حافلات النقل الحضري ، وأخيرا السطو على الملك العمومي في العديد من الفضاءات ، وتحويله إلى عرض السلع بدفع إتاوات تصل إلى 20 درهم للمتر المربع الواحد !
يقع هذا تحت أعين السلطات ، وربما بتواطؤ معها إلى درجة أن ضحية أي سرقة أو انتشال ؛ يريد استرداد متاعه ( دراجة نارية ، سيارة ، أو هاتف ثمين … ) عليه أن يدفع مقابلا سمينا إلا إذا كان سائحا أجنبيا أو ضيفا فوق العادة .
وتتناقل الوقائع شبه يومية تعاظم شأن هذه العصابات وقوة نفوذها ؛ لدى الرأي العام والمرافق الإدارية والاجتماعية عموما ؛ فإذا دخل أحدهم في استقضاء حاجة إدارية ، هرول إليه كل الموظفين بمن فيهم الرئيس ” آشْ بْغا الخاطرْ كايانْ شي ما نقْضيوْ ..” ، وأحيانا يقع إنزالهم بمستشفى عمومي ، فيشقون صفوف المرضى شاهرين سيوفهم مهددين الأطباء والممرضين بالتصفية إذا لم يسارعوا إلى علاج عنصر منهم .
وقد سبق للسكان وأصحاب المحلات التجارية غير ما مرة ، وبمناطق عديدة أن نظموا مسيرات احتجاجية مهددين بإغلاق محلاتهم ما لم توفر لهم السلطات هامشا أمنيا لتحركاتهم . لكن يقع أن تظهر دوريات أمنية في بعض المناطق إلى حين ليعود إليها الإجرام من جديد .
بيد أن وجه المفارقة في كل هذه الأجواء اللأمنية ، أنه بمجرد أن تتناقل الأخبار زيارة ملكية مرتقبة إلى فاس ، ترتدي المدينة حلة قشيبة ، ويستتب الأمن في كل أحيائها ، وتختفي وبشكل مفاجئ تلك الفيالق المدججة بالسيوف والدراجات المقاتلة ليعم الأمن والسلم جميع الأرجاء ، وتتنفس ساكنة فاس الصعداء ، ومنهم من يلهج لسانه ويعلنها جهارا ” الله يجعلْ سيدْنا اسْكنْ معانا ديما .. راهٌم قتلو هدا المدينة وقْضاوْ على مّاليها ..” ، بيد أن هذه الهدنة تنتهي بانتهاء الزيارة الملكية لتعود دار لقمان إلى حالها .
الشوارع والأزقة ، اختناقات غير مطاقة
إذا رغبت في استعمال سيارتك بشوارع فاس ، فقد قبلت بالدخول في حرب غير معلنة مع السائقين والراجلين وأصحاب العربات والدراجات المقطورة ، والمعربدين والمتسكعين ؛ وولجت فضاءات لا يتناهى فيها إلى مسامعك سوى أبواق السيارات ومنبهاتها ، والشتائم والتي تنتهي أحيانا بخناقات عدوانية غير مسبوقة . معظم أرباب سيارات النقل الحضري ( طاكسيات ، حافلات ..) مصابون بارتفاع الضغط وداء السكري ، فانتقلت إليهم عدوى السرعة ورفس قانون السير تحت عجلاتهم .
هذا وإن ظاهرة “الفراشا” ، وتكدسهم بالطرقات تخنق حركة السير ، وتعمل على تشويه معالم المدينة ، وأحيانا تخلق حالة من الذعر في صفوف السياح الأجانب الوافدين على المدينة العتيقة لشدة اللغط وتبادل السباب ، فيستغلها اللصوص فرصة لانتشال متاعهم ولو باستعمال السيف أو المدية ! فكم من سائحات لقين حتفهن أمام هذه الآفة .
رد الاعتبار للمدينة وساكنتها
تسربت ؛ في الأيام الأخيرة ؛ من بعض المجالس المنتخبة أن العمدة الجديد لمدينة فاس ، أعد مذكرة لرفعها إلى الملك محمد السادس ” يشتكي ” فيها من تظلمات باتت تؤرق راحة الساكنة ، ضمنها ثلاثة عناصر :
* الإسراع بالقضاء على ظاهرة الفراشا ؛
* إعادة النظر في نظام السجون ووضع حد لتكاثر العصابات الإجرامية ؛
* تقوية التعاون بين المجالس المنتخبة والسلطات الأمنية .
دأبت وزارة الداخلية منذ السنوات الأخيرة ، وعند اقتراب مواسم الانتخابات على إجراء حركة انتقالية في صفوف العمال وبعض مناديب الوزارات . لكن يحصل ؛ وفي أحيان كثيرة ؛ أن ملفات سوء تدبير القطاعات ، والفساد الإداري ، واستشراء داء الرشوة ، واستغلال النفوذ .. تدخل ضمن دائرة موظفين فسدة ؛ خلدوا في مناصبهم وأطلقوا العنان لنفوذهم وراكموا الثروات . فهؤلاء ؛ ورحمة بالمدينة والساكنة ؛ أولى بالتنقيل والترحيل ، كما ينبغي على وزارتي الداخلية والعدل والحريات العامة صياغة مشروع قانون مشترك يلزم كل موظف بتقديم كشف عن حساباته وعائلته عند تعيينه ومغادرته لموقعه .
عبد اللطيف مجدوب