بقلم الأستاذ حميد طولست
من يتجول هذه الأيام في شوارع الرباط ، وربما في غيرها من المدن المغربية ، لاشك سيثير انتباهه انتشار لوحات إشهارية ضخمة في الكثير من مفترقات أهم الطرق ، ليس لإشهار السلعة الاستهلاكية ، أو لعرض المساكن الاجتماعية الجاهزة للبيع ، لكن لتذكير النساء بما يحيط بهن من مخاطر سرطان الثدي ، ودعوتهن للوقاية منه بالفحص المبكر ، الذي له أهمية كبيرة في اكتشاف حالات الإصابات قبل استفحالها ، والزيادة في معدلات الشفاء، والتقليل من تكلفة العلاج .
إلى هنا فالأمر جد عادي ، والمبادرة محمودة ، يشكر عليها أصحابها الذين ندعو لهم بالجزاء الحسن من الرب الرحيم ، وعلى رأسهم الأميرة لالة سلمى التي منذ دخولها رحاب القصر الملكي وهي تولي اهتماما كبيرا بالقضاء على سرطان الثدي ، من خلال “جمعية لالة سلمي للسرطان” التي لا تذخر جهدا ، وغيرها كثير من مؤسسات المجتمع المدني ، في التعاطي مع الداء ، لتوعية المريضات بطبيعة سرطان الثدي ، الذي لا تعني أن الإصابة به “حكمًا بالإعدام على المريضة”، وتقديم الدعم والمساعدة على تحمل تكاليف علاجه ، الذي يفوق فى المغرب قدرات الفقراء والطبقة المتوسطة، و لا يقدر عليه سوى شريحة بعينها من الأثرياء، أما أبناء الطبقات الكادحة والمتوسطة لهم الله عز وجل، وهذه الأيادي البيضاء..
لكن الغير العادي ، والذي يحز في نفس الرجال ، هو عدم اهتمام اللوحات الإشهارية ، ومن خلالها الجمعيات المهتمة بداء السرطان ، بما يصيب الرجل من سرطانات فتاكة ، على رأسها سرطان “البروستات ” التي يصاب بها 8 % من الرجال المغاربة، والتي لم يسبق أن شاهدنا لوحة إشهارية واحدة تحمل رسالة أمل وتوجيه إلى كل غافل من الرجال عن خطورة هذا المرض ، رسالة تخاطبهم بنفس الحنية التي جاءت في الإشهارات التي يخاطب فيها أطفال الأمهات بالعبارة المؤثرة: “أحبك أمي أسرعي للكشف المبكر على سرطان الثدي” ، رسالة تُطلع الغافل من الرجال على خطورة المرض -الذي لا أعراض واضحة له- وتقول له هو الآخر :أحبك أبي أسرع للكشف عن سرطان البروستاتة ” الإعلان/الرسالة الذي لاشك قد يسهم في زيادة وعي الرجال بطبيعة المرض وتجنب الكثير منهم من الإصابة به وتنقذ حياة من أصيبوا بالمرض ذاته..
لا يجب أن يفهم من هذه الخاطرة أني ضد تلك اللوحة الاشهارية الخاصة بالنساء ، لكني أردت إثارة انتباه المسؤولين في جمعية لالة سلمى وشركائها في وزارة الصحة العمومية والقطاع الخاص والمؤسسات العامة والجمعيات والهيئات المناهضة للسرطان في الداخل و الخارج ، إلى أن الكثير من الرجال لا يبالون بخطورة سرطان “البروستاتة ” لقلة وعيهم بطبيعة المرض ، وبأهمية الكشف المبكر عنه ..