بقلم الأستاذ حميد طولست
توصلت من أحد رواد صفحتي على الفايس بصورة مذيلة بطالب التعليق عليها ، تحيرت في البداية وخشية أن يكون في الأمر “إن” ويساء فهم تعليقي ، خاصة وأن الأمر يتعلق بخصيتين عامتين محترمتين ، لكني وبعد التمعن في الصورة وجدتها صورة عادية ينظر خلالها السيد عبد الله بوانو رئيس جماعة مكناس ، لعملاقة الأغنية المغربية الفنانة سميرة سعيد ، نظرة يحار العقل في تصنيفها ، والتي من المرجح أنها لم تكون ، ـرغم ما يبدو عليها من تمحيص وتفحص للفنانة،إلا نظرة الشكر والامتنان أثناء تكريم الفنانة خلال حفل اختتام مهرجان مكناس الذي لم يترك القائمون عليه، فرصة حضور النجمة المغربية تمر دون أن يحيطوها بنظرات الاهتمام والترحيب الخاصين مند وصولها إلى مدينة مكناس ، لأن مرتبة الرجل وأخلاق وتدينه وانتماؤه لحزب الإسلامي لا تسمح لنظراته أن تزيغ به إلى ما يغضب الله تعالى ، ويغضب فقهاء وشيوخ طائفته الذين يعتبرون أن النظرة هي أولى خطوات الشيطان وسهم من سهامه ، وحذروا من مجرد النظر إلى المحرمات من باب سد الذرائع التي إذا نظر إليها الإنسان فقد تجره إلى فعل محرمات أخرى أشد خطورة كالزنا ، الذي سببه الرئيسي هو النظرة ، كما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر واليد تزني وزناها اللمس والرجل تزني وزناها الخطى واللسان يزني وزناها المنطق والفم يزني وزناه القبل والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه”.
ولعلم رسول الله ضعف الإنسان أمام غريزة التمتع بالنظر إلى ما يحيط بنه مما خلق الله من جمال ، صعوبة مقاومته لها ، وخاصة إذا كان الحسن والجمال لامرأة ، وضع الله فيها من آيات سحره الخارقة ، ما ينبهر به الرجل ، فلا يعطي اعتباراً لعقله بقدر اعتباره لبصره ، الذي ما أن يرمق صورة امرأة تشع بالأنوثة حتى يرتبك أمامها فوراً ، وتخور قواه أمام جبروت سحرها ، ويستيقظ بدواخله حلمه الطفولي بالفحولة المقدسة ، التي تسيل لعاب كل الرجال بكل تشكلاتها الثقافية المرتبطة عضويا بتنشئتهم الاجتماعية المبرمجة على جعل الذكورة قيمة مركزية في سلم التثمين والتقدير على المستوى الفردي والجماعي ، التي يستسهل من أجلها – رغم إدراكهم أنها لا تقود لنهضة ولا يدعو لفضيلة – كل المنكرات ويستصغر كل الكبيرات ، ويستهين في سبيلها بكل المعاصي ، ويكسر كل الطابوهات الأكثر حساسية في مجتمعاته .فإنه صلى الله عليه وسلم جعل المقصود بالنظرة المحرمة تلك النظرة الثانية وليست النظرة الفجائية كما جاء في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم محدثا علي بن ابي طالب رضي الله : (النظرة الأولى لك والثانية عليك) ، وما أظن نظرة السيد عبد الله بوانو من النوع الثاني ، ونحمد الله على أن زنا العين ليس من الكبائر وأنه يمكن التخلص من معاصيها بالوضوء الشرعي ، الذي تنـزل الذنوب مع مائه ، حسب بعض شيوخ وفقهاء الدين ..