“من خَلق الخالق ؟! “

الحقيقة 2421 ديسمبر 2017
“من خَلق الخالق ؟! “

بقلم الاستاذ علي أبو رابعة
دائماً ما يزعجني أي شاب ملحد ،فكل كلمة يطلقونها أثناء أي حوار تكون بغية الإغاظة ،لكني غالباً كنتُ أركز على جانب واحد ..وهو الإجابة على سؤال: “من خلق الخالق ؟! .”
لأنّي لو تمكنتُ من إقناعه بوجود الله ،سيؤمن بوجود الرسل والأنبياء بلا تردد أو إستثناء ! .
دَعْكَ مِنْ هذا !
هناك فرق شاسع بين أبديّ ،وسرمديّ ..فالكون أبديّ ،لكنَّ اللهَ سرمديٌ ! ..فأمّا الأبديُ هو من له بداية ،وليس له نهاية معلومة ..فالكون بدأ يتكون بعد ظاهرة الإنفجار العظيم قبل حوالى 14 مليار سنة ..آسف قبل 13.8 مليار سنة من أجل الدقة فقط ،ويعتبرونها عمر الكون ،وتم إثبات هذه النظرية بإفتراضيات نظريات متوافق عليها مثل النظرية النسبية لأنيشتاين ..وغيرها .
فبداية الكون معلومة آنفاً وسابقاً ،لكنْ نهايةُ الكونِ غيرُ معلومة تحديداً ،وكثيراً ما نسمع كل عام عن إقتراب نهاية العالم والكون ،فى سنة كذا وشهر كذا ..لكن لا يحدث شيء !..لأنّ العلم بالغيب خصيصة الله وحده لا شريك له فى ذلك العلم أو تلك الخصيصة !
وأمّا السرمديّ فهو من ليس بداية له ولا نهاية له، ولا يَحُدّه زمان ،ولا مكان يَحُدّه كذلك ! ..فالله سرمديٌّ..
فالله هو من خلق ،بمعنى أنّه المُسَبِّبُ ونحن أسبابٌ لأمره بأنْ نكونَ بشراً !
دَعْكَ مِنْ هذا !
هذا يا سيدي القاريء طعام أَعَدَّه طباخ ماهر ،فهل يجوز أن تصيبني بسؤال :
“مَنْ طبخ الطَّبَّاخُ ؟! .”
هل هذا السؤال صحيحٌ مِنْ الأساس ؟! .. مَنْ طبخ الطَّبَّاخُ ؟! ..فالطباخ ليس طعاماً حتى يتم طبخه..وهكذا الخالق ليس كمثله شيء ليس بشراً ،هو إله ..ليس من جنسنا حتى يكون له خالقاً ..فسؤال من خلق الخالق ؟! ..خاطىءٌ كل الخطأ .
فاتقوا الله فى عقولكم ! .
ولو افترضنا جدلاً أن هناك خالق لله ..فمن خلق خالق الله ..ومن خلق خالق خالق الله ..إلخ إلخ؟؟؟؟!
وهكذا ..سوف يدخل السائل فى متاهات ..فقد يفترض أن خالق الله هو (س) ،وخالق خالق الله هو (ص) ..وهكذا الى مالا نهاية (∞)!
سؤال هل تعرف من الأساس ما هى قيمة مالا نهاية (∞) ،فهل تَوَصَّلَ العلم لها ؟! ..إذنْ وإذاً العلم قاصرٌ عن إكتشاف وتفسير أشياء كثيرة !
فاللا منتهي أو اللا حدود له (∞).يصعب تصوره فى الرياضيات والفيزياء وبالعقل ..فالله لا حدود له ولا أوّل ولا آخر له ..ولا يحده زمان ولا مكان ..فيصعب على العلم إكتشاف كنهه وذاته ..لأن العلم مادى نتاج وإنتاج عقل محدود ..!
وليكن !
الدكتور مصطفى محمود قرأتُ له ذاتَ يومٍ برهاناً وسلطاناً على وجود الله ووحدانيته ،وكثيراً ما ذَكَرَ هذا البرهانَ العقلىّ الفلسفيّ ..!
عندما يدخل أحدنا غرفة رسام ،سوف يجد مجموعة من اللوحات ..فبعضها يعبر عن الطبيعة ،والأخرى عن التطور العلمي الحديث ،والأخرى عن العالم اللا آدمي ..الخ الخ
وإذا نظرتَ بنظرة حادة إليها جميعاً ..ستلاحظُ أنّ هناك حالة من التناسق والتناسب بينها جميعاً فى الذوق والحس الفنيين ،وطريقة الرسم ،بل وفى الأفكار بمعنى مجموعة اللوحات المختلفة المواضيع محصلتها تعبر عن الحرية مثلاً.. ومثلاً مجموعة مقالات الكاتب الروائى تهتم بقضايا المرأة .
وعلاوة على ذاك وذاك أن الأدوات المستخدمة فى الرسم واحدة وأيضاً تم شرائها من متجر واحد ،كذلك الخشب المرسوم عليه خامته واحدة ؛لأنه قادم من محل واحد ..
*فكل ذلك يدل على وجود رسام واحد هو من رسم وأبدع وأشترى الأدوات بنفسه ..لوجود حالة من التناسب والتناسق بين اللوحات على الرغم من اختلاف أشكالها ..فالفلسفة الفنينة واحدة !
كذلك لو خرجنا إلى الطبيعة قليلاً ..سنجد أن الجهاز الهضمى عند الحيوانات متشابه ومشابه للذي عند الإنسان ..وآلية الأنشطة الحيوية عند الحيوانات كالتى لدي الإنسان ..والنباتات آلية أنشطتها الحيوية متشابهه وواحدة ..فيدل ذلك على وجود رسام
-خالق- واحد لا مثيل له ولا شريك له هو من هيَّأَ هذا الكون هذا هذه الصورة الجميلة البديعة البهية .
وأيضاً لو نظرنا الى فلسفة الدوران فى الكون ،فالمجرات تدور حول مركزها ،والمجموعات الشمسية تدور حول مركز المجرة ،والكواكب تدور حول النجوم -كالشمس- والأقمار تدور حول الكواكب ..والأقمار الصناعية كذلك ..!
حتى السيتوبلازم يدور حول مركز الخلية الحية..حتى الالكترونات تدور حول مركز الذرة
-خلية موات- .
* أسلوب واحد وفلسفة واحدة فى الخلق، تدل على وجود إله واحد ،هو من خلق وأبدع وصور و هيَّأَ هذا الكون بما فيه وبمن فيه !
هل سيقتنع الشاب الملحد بهذا ؟! ..لا أظن !
هل سيقرأ هذا المقال لنهايته -بحثاً عن الحقيقة كما يزعم – ؟!.. لا أظن !

Breaking News