بناية راقية مكونة من عدة طوابق، تواجهك بزجاج نوافذها زرقاء اللون مما يزيد الريبة في نفسك، فتتطلع إلى معرفة ماهية هذه البناية، التي لا تبدو كمجمع تجاري أو مكان للسكن، بل هي تشير إلى أنها مؤسسة لا هوية لها، وبعد أن تدقق النظر باحثا عن اسم أو عنوان يدلل على هويتها أو نشاطها، تكتشف إلى جانب البناية كتابة بحروف صغيرة تدل على انها احدى شركات مركز النداء centre d’appel .
اسم تكرر كثيرا في عالم التجارة، وازداد عدد مراكز الاتصال في المغرب إلى اكثرمن 500 مركز اتصال، موزعة على الصعيد الوطني، حسب ما اكدته إحصائيات الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات سنة 2017، وإن كانت حصة الأسد توجد بمدينة الدار البيضاء والرباط بنسبة 80 %، فالباقي يوجد في فاس مراكش، وطنجة، وتطوان، والمحمدية مع تحقيق معدل نمو سنوي لعددها بـ 11 %.
الساعة تشير الى الواحدة بعد الزوال انه موعد راحة العاملين في مركز نداء معروف بفاس ، شباب في مقتبل العمر، يتحدثون اللغة الفرنسية بطلاقة، وكأنهم فرنسيون يعيشون في المغرب.
وحال خروجهم، يتحررون من ضغط العمل، إما بتناول وجبات خفيفة أو بتدخين السجائر بشراهة، ذكورا وإناثا، كما لو أنهم مروا بيوم عصيب، أو يعانون من ضغط شديد في ساعات العمل.
الحقيقة24 أجرت تحقيقا عن طريقة الاشتغال بهاته المراكز و الصعوبات التي يجدها العامل مع عمله و مسؤوليه و من باب الحيادية ننشر شهادات بعض العاملين و العاملات و كيف أنقذتهم هذه المراكز من شبح البطالة رغم العاهات النفسية التي تصيبهم بسبب ضغط العمل .
هند 25 سنة تنحذر من مدنة قريبة لفاس حدثتنا بصوت رقيق، اعتادت اصطناع نبراته من عملها في تسويق البضائع، قالت انها مسرورة من عملها، فهو يحقق لها دخلا ماليا جيدا بالرغم من ضغوط العمل التي تواجهها يومياً، الذي يتمثل في عدد الاتصالات التي تناهز 90 اتصال بشكل يومي، وشعورها في كل مكالمة بانها معرضة للفشل او النجاح في بيع البضاعة او عدمها، مستشهدة بمقولة شكسبير في إحدى مسرحياته ” أكون أو لا اكون” قالت ضاحكة.
ثم تغيرت “نوطة” صوتها، وارتجفت شفتاها، وأضافت: “في كثير من الاحيان استمع إلى زبائن يرددون كلمات غزل او كلمات خارجة عن مهام الخدمة التي أوديها، مما يجعلني متوترة، وابحث في قاموسي عن كلمات مهذبة” كما توصي الشركة دائما” ارد بها على هذا الزبون الثقيل الظل.
الحقيقة24 استقت تصريحات ستنشرها عبرحلقات توضح الضغوطات اليومية التي يمر بها العاملين بأكبر مركز نداء بفاس ، و تصريحات بعد الوجوه الشابة التي تجردت من خوف الطرد و حكت عن المعاناة مع les superviseurs و مسؤولي مصالح أخرى الذين يوظفون أقربائهم تحت منطق المحسوبية و الزبونية و باك صاحبي .