اِنتشرت خلال السنوات الأخيرة، ظاهرة “التدخين” بين أوساط الفتيات بمدينة فاس المحافظة ، كما في أغلب كبريات المدن المغربية التي ظلت مقتصرة عليها ولا تراوحها كـ “الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش وباقي المدن السياحية الكبرى”، على سيبل العـد لا الحصر، فكيف إستطاعت الفتاة المُدخنة كسر جدار “الطابو” وتُخرج للعلن أوّل سيجارةٍ أمام المـلأ.
إستقصت الحقيقة24 نخبةٍ مـن الشباب الفاسي من الفئة الواعية الباحثة المثقفة التي تمثل مختلف المشارب والحساسيات والتوجهات، سعياً خلف مقارعـة موضوعٍ يُدرج في خانة “الطابوهات”، بحيث نعتقده يُفتـح لأوَّل مـرة، علاوة على اِستيقاء إدلاءاتهم حول مدى تقبُّل أو رَفضَ إشهار الفتاة لسيجارتها في وجه المجتمع الفاسي المحافظ.
الطالب الجامعي كمال.ع استهل حديثه بالقول “بمجرد مَا تلـج مَقـاهٍ بعينها وسط المدينة، حتى تجد على الأقل فتاتين أو فتاةً تستمتع بسجب أنفاسٍ عميقة من سيجارة وهي مطمئنة كل الاطمئان إلى أنّ أحداً لن يرميها بتوصيفٍ أو مذمَّـة تقدح في سلوكها المشين، و”كنّا نرى ذلك بالدول الأوروبية ، بالنظر إلى جملة من الاعتبارات، أبرزها البيئة الثقافية والخصوصية وتقاليد المجتمع”.
ويـرى زميله سهيل، وهـو طالب باحث في سلك الماستر، أنّ صورة “المُدخنة” ظلّـت على مدى عقود في المُتخيِّل الجماعي لصيقة بالشّابات اللائي يُمارسن الرذيلة ويتعاطين البغاء، إذ يقمن بشرب السجائر في دوائر ونطاقٍ محدودٍ جداً، مثل الحانات وصالونات الفنادق المصنفة، قبل شيوع هذه المظاهر بشكل سافر بعد اِنتقالها إلى المقاهي والسيارات وأحيانا في فضاءات معزولة، وفي أوساط الفتيات غير الممتهنات لهذا النشاط المشبوه.
فيما ذهب رضوان، بوصفه ناشطا مدنيا، إلى أنّ تفشي ظاهرة تدخين الفتيات لا يمكن فصل وعزل موضوعه بحال من الأحوال، عن سياق إنتفاء وتلاشي القيم المجتمعية والأخلاقية بالمنطقة كما في سائر المجتمع المغربي الذي تحتفظ كافة مناطقه تقريباً بنفس الخصوصية، قبل ربطه بروز الظاهـرة بتخلّي العاصمة العلمية للمملكة عن خصوصيتها المتسمة بالمحافظة وبترسانة قيمٍ متجذرة في تربتها، من قبيل العّفة والشّرف والحشمة.
أمَّـا يسرى، وهي طالبة منضوية تحت لواء فصيل يساري بجامعة سيدي محمد ابن عبد الله بفاس تعتبر خروج الفتاة المدخنة وبوجهٍ مكشوف للعلن، يعكس في العمق وعلى مستوًى آخر، خروج المرأة المُدانة دوماً وأبداً، للإعلان عن تمرّدها على “السجن” الذي تمَّ إقبارها وراء قضبانه بإيعاز من الرجل الشرقي، علاوة على كونه “تمرّدا على القيم السائدة التي صاغتها العقلية الذكورية التي ترفض مبدأ المساواة والمناصفة بين الجنسين”، تستطرد المتحدثة قبل أن تختم كلامها “ليس كل مُدخنة عاهـرة بالضرورة”.