مع اقتراب ذكرى المسيرة الخضراء، تستعد العديد من الجمعيات بفاس، لتنظيم لقاءات و محاضرات علمية و فكرية، من تأطير دكاترة و أساتذة جامعيين….
و لفهم ما سيقال و التركيز على المصطلحات العلمية و تمكينه من النقاش و إعطاء رأيه، لا بد للحاضر ان يتوفر على مستوى ثقافي جامعي …
لماذا المقدمة ؟
إن ما حدث مساء الجمعة 2 نونبر 2018 من شغب في مدرجات المركب الرياضي بفاس، تتحمل مسؤوليته جمعيات المجتمع المدني التي لم يسجل عنها يوما تنظيم لقاءات تحسيسية حول أسباب العنف و على الخصوص مخاطر المخدرات و كل المؤثرات العقلية…
ربما لتبرير ما تتوصل به من ملايين الدراهم، تكتفي البعض من جمعيات فاس ب”اشطيح و ارديح” و استدعاء دكاترة و أساتذة جامعيين لتأطير ندوات فكرية و علمية قد لا يفهم منها رؤساؤها إلا اليوم و التاريخ و العناوين، تتبعها أخذ صور شوفوني مع شخصيات لنشرها فيما بعد على مواقع التواصل الإجتماعي…
فشل في التأطير و نجاح في السرقة و النهب و تبدير المال العام….
فعندما يصير الشغب مفتوحا على المجال الرياضي، فإنه يكون بدافع الاستنكار والرفض والاعتراض وإبداء الامتعاض من شيء ما، أو يكون أحيانا بسبب الاحتفاء والتعصب لإنجازات الفريق المفضل…
فالشغب داخل الملاعب الرياضية، يدل على نوع التحرك الفجائي وعلى شكل من الهبات والهزات الاجتماعية التي تنتشر داخل الملاعب أو خارجها في أعقاب الهزيمة أو الانتصار…
إن حالة الفوضى التي عاشها المركب الرياضي بفاس، سببها غياب عناصر الضبط الاجتماعي، و تعالت فيها بالمقابل إمكانيات وملامح العنف والانفلات و الصراع.
لقد اندلع العنف بشكل عفوي و تجاوز سقف مولداته و شروط إنتاجه المباشرة، بسبب افتقاده للتنظيم و التأطير و غياب ما يسمى بالجمعيات الفاسية “الرياضية و الثقافية” و غيرها و كلهم يتحملون المسؤولية…
فكيف لجمعيات و منظمات أن تفكر في تنظيم ندوات علمية من مستوى عال أو ل”الشطيح و ارديح” كما سبق أن أشرت إليه أعلاه، و غالبية ممارسي الشغب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و 22 سنة، ينحدرون بنسب عالية من أحياء الصفيح ومناطق السكن العشوائي التي أخطأتها مشاريع التنمية، كما أنهم ينتمون إلى أسر فقيرة تعوزها إمكانيات العيش الكريم، و هم فضلا عن ذلك انقطعوا مبكرا عن الدراسة، و لا يعملون إلا بشكل مؤقت في مستوى الأعمال الحرفية، أو لا يعملون بالمرة…
ما يقع في الملاعب الرياضية و خارجها أيضا من ممارسات الشغب، لا يمكن تفسيره بمنطق الحقل الرياضي فقط، إنه ظاهرة مركبة تتجاوز رقعة الملعب إلى مجموع النسق المجتمعي…
صحيح أن حكومة العثماني مسؤولة قبل غيرها و ان الشغب الرياضي ملمح من ملامح الاحتجاج الاجتماعي بالمغرب، و أنه عنوان آخر لمغرب العطب والاحتقان، لكن أين تذهب الأموال التي تتوصل بها الجمعيات بفاس ؟؟؟
عشور دويسي