كثيرة هي أشكال التسوّل داخل الحاضرة الإدريسية فاس، هذه الظاهرة لا تخلو منها مختلف الشوارع و الأزقة . واللافت أنّه، في الفترة الأخيرة، تطوّرت وتنوعت الأساليب الهادفة إلى استعطاف الناس والحصول على المال، سواء في الشارات الحمراء أو الأسواق وغيرها من الأماكن التي تشهد ازدحاماً و حركية.
وتتفاقم هذه الظاهرة يوماً بعد يوم، وقد تحوّلت إلى حرفة أو مهنة تديرها عصابات متخصّصة لها أنظمتها وقوانينها، وذلك فيما يتعلّق بكيفيّة استعطاف الناس أو تحديد أماكن العمل الأكثر ربحاً. هذه “المهنة” تضمّ فئات عمريّة مختلفة، وتحقّق أرباحاً لا بأس بها.
في مدينة فاس و في كبريات شوارعها يلجأ متسوّلون إلى تطوير أساليبهم واستغلال احتياجات الأسر الفقيرة، ودفعها إلى “تأجير أبنائها” للتسوّل واستجداء المارة واستعطافهم، وبالتالي تحقيق أرباح يوميّة من خلالهم.
وحسب ما عاينته الحقيقة24 فقد اعتقلت المصالح التابعة للمنطقة الأمنية الثانية بقيادة العميد العروسي رئيس الدائرة الأمنية الثانية الأطلس امرأة في نهاية عقدها الثالث . هذه المرأة تقف يوميّاً في الشارات الحمرء بكل من طريق إيموزار و على مستوى شارع الجيش الملكي ، لتشغّل أطفالها الأربعة و اثنين مستأجرين من ذويهم في أعمال التسوّل.
وأفادت مصادرنا أن المصالح الأمنية تلقت بلاغات عدة من الجمعية المغربية للنهوض بالطفل و المرأة في وضعية صعبة في شخص رئيسها محمد ادزيري، تفيد بأن هناك نساء تصطحب معهن أطفالاً صغاراً في أعمال التسوّل و مسح زجاج السيارات و بيع المناديل الورقية، حيث تتركهن في الطريق العام لاستجداء المارة. وقد اعترفت إحدى المتهمات بأنّ لها أطفال تتاجر فيهم بتحريضهم على التسول أمام أنظار عينيها ما يجعلها تكسب تقريبا 12 ألف درهم شهريا مكنها من شراء ثلاث شقق عن طريق التسول .
فاليقظة الأمنية و الحملات الاستباقية مكنت من الإطاحة بعصابة التسول التي تتزعمها بعض النساء بمدينة فاس مساء يومه الأربعاء 19 دجنبر الحالي ، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل النيابة العامة ستتابع المتهمات بالاتجار في البشر و النصب و الاحتيال لوضع حد لهذه الظاهرة البئيسة أم أنها ستضرب مجهودات المصالح الأمنية عرض الحائط و تتابعهن في حالة سراح لتشجيعهن على العودة و تكوين المزيد من الثروة على حساب أطفال بؤساء يأكل الدهر من أجسادهن النحيلة في أجواء باردة ؟