بمناسبة الأيام التحسيسية للوقاية من حوادث السير ، والمنعقدة بجل مدن المملكة ، ولاية أمن فاس كانت صريحة في تعاطيها مع هذه الظاهرة ، وبدون لغة خشب أو مزايدات حددت مكامن الخلل وشخصت واقع الظاهرة بفاس بعيدا عن عن أي مناورات مغلطة للرأي العام .
جانب مهم من مسؤولية حوادث السير بمدينة فاس يتحمله المجلس الجماعي ، معطى خلص له الكولونيل “محمد بولحباش” رئيس القيادة العليا للهيئة الحضرية بولاية أمن فاس ، بعد عرض قيم وبالأرقام لخص واقع الحال وأصاب مكمن الداء بشكل جريئ ، في لقاء موسع شهدته العاصمة العلمية على هامش الأيام الوطنية للوقاية من حوادث السير ، ضم فاعلين قضائيين و مدنيين وأمنيين ومنتخبين ورجال تربية وتكوين ومهتمين وخبراء ..
قد يبدو هذا المعطى والاستنتاج صادما وجريئا ، لكنه ينطوي على تبصر وسعة رؤية ، خصوصا أن المتحدث “بولحباش” رجل أمن من العيار الثقيل ، قليل الكلام ، لكن عندما يتكلم فلغته تكون أرقاما واحصاءات ، معطيات وبيانات ، خلاصات عمل ودراسات ، فالرجل لا يتكلم من فراغ ، مستواه الأكاديمي الرفيع ومعرفته الواسعة بخبايا السير والجولان بمدينة فاس مؤشرات دالة على أن الرجل قد وضع أصبعه على الداء بشكل علمي موضوعي دقيق.
صحيح ، فعندما نستبصر قليلا في واقع بنياتنا التحتية بفاس ، هذه المدينة التي أصبحت تئن وتبكي من كل ناحية ، نجد أن ضعف وتهالك بنياتها التحتية ، وكذا تقاعس مجلسها الجماعي في تشييد ممرات تحت أرضية لاستيعاب الأعداد المتزايدة للسيارات والآليات المتوقفة ، سبب مباشر لارتفاع حوادث السير بالمدينة .
أضف إلى ذلك عدم انتباه مجلس الأزمي لغياب أضواء المرور وأعطاب الرادارات، وعدم سلاسة الأضواء في عددا من الشوارع. وتغيب ممرات الراجلين في عدد من الشوارع، خاصة في الأحياء الشعبية، وعلامات تحديد السرعة أمام المؤسسات التعليمية، وانعدام محطات وقوف سيارات الأجرة بصنفيها، وأعطاب بنيوية أخرى تتراخى إرادة مجلسنا الجماعي الموقر بفاس في إصلاحها ، متسببة بشكل كبير في ارتفاع حوادث السير .
بالإضافة إلى هذا فاس أصبحت مسرحا لضعط سير مهول خصوصا في أوقات الذروة ، ضغط يقف أمامه شرطي المرور عاجزا عن فك زحمة سببها الرئيسي بنية طرقية لم تعد تستحمل هذا الكم الهائل من السيارات ، فمدارات طرقية لم ينبش فيها المجلس الجماعي الحالي بأي تقويم أو تأهيل منذ تشييدها ، وأزقة وشوارع للأسف لم يقدر ذات المجلس على توسعتها أو تخفيف حجم الضغط عليها ،
فهل سيستفيق هذا المجلس من سباته ؟ وهل سيتم التعاطي مع الموضوع بمدينة فاس بنفس درجة جدية وجرأة ومكاشفة جهازها الأمني ؟