اختارت الحقيقة24 مناقشة موضوع ربما أساسي في الذي تتخبط فيه العاصمة العلمية للمملكة و التي ظلمها الإعلام الفاسد و الصفحات الصفراء حيث سنتكلم اليوم عن ظاهرة أصبحت تعاني منها الكثير من المدن المغربية الكبرى و هي ظاهرة الهجرة القروية أو بالأحرى هجرة سكان البوادي الى المدن الكبرى بحثا عن حياة أفضل لكن دون التفكير بعواقب هذا الانتقال.
الحقيقة24 اختارت أن تتكلم عن هذه القضية من منظورها و من خلال ما نعيشه في مدينة “فاس” كواحد من أكبر المدن المغربية و التي تعاني من هذه الظاهرة بشكل كبير و كبير جدا لدرجة أنه أصبح من الصعب العيش في هذه المدينة.
أغلب سكان البوادي المجاورة للحاضرة الإدريسية فاس يغادرون الدراسة اما في سن مبكرة أو لم يزوروا المدرسة من قبل قط .. فيكونوا أغلبهم غير واعيين .. الكثيرون منهم يعيش في أوضاع صعبة حيث هناك من يضطر الى قطع كيلومترات من أجل الماء و الآخر من أجل الدراسة .. بينما أعمالهم تقتصر على الفلاحة و رعي الغنم و ما يتعلق بها من أشياء أخرى في نطاق البوادي.
و يعتبر الأغلبية الساحقة من هؤلاء الناس أن الهجرة للمدينة سيكون حلا للكثير من مشاكلهم .. معتقدين أن المدينة هي أرض الأحلام “El Dorado” أي ما أن تطئ أقدامهم المدينة سيجدون الوظائف متوفرة و الأموال على الطرقات .. خصوصا اذا سمعوا عن تجربة ناجحة لأحد أبناء قريتهم هاجر سابقا الى فاس أو غيرها من المدن .. و كيف أصبح ذو مال .. و يمتلك منزلا و سيارة ناهيك عن رصيد بنكي .. فتجدهم يجمعون ما يملكون استعداد لرحلة الشتاء و الصيف بحثا عن السعادة.
سلبيات الهجرة القروية:
1- ما ان يصل المهاجرون الى المدينة يبدأون بالبحث عن مقر السكن .. فلا يجدون نظرا لارتفاع الأسعار بشكل خيالي خاصة في مدينة كفاس .. فما يكون منهم أن ينتظروا مجيء الليل ليقوموا ببناء شبه بيت يشكل خطرا عليهم في أحد دور الصفيخ التي سبقها اليهم مهاجرون سابقون كحي المسيرة ببنسودة و الزليليك أو الاستعانة بعين ميكة لأعوان السلطة مقابل 1000 أو 2000 درهم لبناء بيت في سطح منزل ببندباب أو سيدي بوجيدة أو الجنانات .. فتكون أول ظاهرة للهجرة هي انتشار دور الصفيح التي لا تتوفر على ماء أو كهرباء و كذا البناء العشوائي و خير دليل الأحزمة المبنية و المحيطة بالعاصمة العلمية فاس و كيف تحولت منازل إلى عمارات شاهقة بمباركة من أعوان السلطة .
2- ثاني نقطة و هي فيما يخص العمل .. حيث تجدهم يبحثون على عمل جيد لاعالة أسرة غالبا ما تتكون من أكثر من 5 أفراد .. لكن أغلبهم دون مستوى دراسي معين و دون شهادات أو شيء .. فتراهم يعملون أعمالا بأجور بخسة لا تكفي لسد حاجياتهم و منهم من لا يجد عملا اطلاقا فلا يكون أمامه سوى الخروج للكريساج و اعتراض سبيل المارة و سلبهم ما يملكون من أجل بيعه و الانتفاع بثمنه الشيء الذي أرهق مسؤولوا مدينة فاس أمنيا و قضائيا و طبيا و اقتصاديا.. بل و تجد من يضطر الى العمل في تجارة المخدرات لأنها الطريق الأسرع للغنى و الوصول إلى ما كان يصبو له قبل التحاقة بالمدينة و شوارعها.
3- ثالث نقطة و هي مهمة جدا و من خلال مرورنا بأحد الأحياء التي لا تضم سوى الوافدين حيث تجد أن أغلبهم غير واعي و غير مثقف .. يتكلم بلهجة قبيحة تشمأز منها .. تحمل الكثير من مظاهر التخلف .. أضف الى ذلك تصرفاتهم غير الحضارية حيث تجدهم يرمون الأزبال في كل مكان و التلفظ بالكلمات النابية أمام الملأ و بالشارع العام لمحاولة فرض الذات ..
4- نقطة رابعة و هي كثرة الاستجداء ما تسمى “السعاية” حيث تجد أمام كل محل امرأة أو اثنين يمدون يدهم لطلب المساعدة برفقة أطفال يبيعون المنادل الورقية أو يمسحون زجاج السيارات و أغلبهم لا يتجاوز العشر سنوات و منهم من عمل ثروة من ذلك فقط .. فأصبحت تجده في كل مكان، منهم من يصعد الحافلات و منهم من يمر على المقاهي واحدة تلو الآخرى، ومنهم من يجلس أمام المساجد و شارات المرور ….