يتجلى الحق في الصحة بوضوح من خلال ضمان المساواة وتحقيق الإنصاف لجميع المواطنين في مجال الإستفادة من الخدمات الطبية وفق باب من أبواب السياسة التنموية التي فتحها على مصراعيها جلالة الملك محمد السادس نصره الله للولوج إلى عدالة اجتماعية مبنية بصفة أساسية على التضامن والتلاحم الإجتماعي بغاية محاربة الفوارق حسب الإمكانيات والطموحات المتوافِقة في أسقُفها وطنيا والمنسجمة في أولوياتها مع المناهج والمعاهدات دوليا.
يعتبر النظام الإجباري على المرض وسيلة لتحقيق استفادة المواطن من الرعاية الصحية ضمن جدول من الخدمات تتعهد الدولة بتوفيرها إلتزاما لنص دستوري يكفل ذلك وتبعا لنظام تأمين صحي يترجم ذلك ووفق قانون ساري المفعول يُطبَّق بموجبه ذلك.
ولتحقيق نقلة نوعية في مجال الحماية الإجتماعية حتى يشمل الحق في الصحة باقي فئات المجتمع بما فيهم جمهور المهنيين أو بصفة عامة المنتسبون للقطاع الخاص لا بد لنا من الوقوف عند مجموعة من الإشارات لمعالجة بعض النواقص أو المعيقات على مستوى التنزيل السليم لبرامج التغطية الصحية و الرعاية الاجتماعية في ظل ما جاء به الخطاب السامي لجلالة الملك بمناسبة عيد العرش 30 يوليوز 2014 من صريح العبارات كالتالي:
يقول جلالة الملك:
“……..كما يجب تفعيل وتوسيع الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، ومكافحة كل أشكال الفقر والإقصاء، وترسيخ التضامن بين الأجيال باتخاذ التدابير اللازمة والمستعجلة لإنقاذ مستقبل أنظمة التقاعد، قبل فوات الأوان…..” إنتهى
نذكر نحن منها بعد الإذن:
وَضع مضامين الفصل 31 من الدستور فوق كل اعتبار، وربطها بمُتمّماتها في مدونة التغطية الصحية الأساسية، ربطا تسلسليا وسلسا، يُجَسّرُها بما تفرع عنها من مواد قانونية، تَفي بتفعيل المبادئ الأساسية، التي قامت عليها التغطية الصحية، وتكريسها بالصيانة والتحيين.
التشخيص الأدق لقطاع التجارة بخصوصياته وتمَيّزاته وجُزئياته، وبشِعابه وشُعبه وأصنافه مختلفة ومتعددة الأشكال، واستحضار مستوى درجات التعقيدات المرتبطة بنِسب الدخل لدى كل فئة على حدىً.
توظيف المقاربة التشاركية توظيفا صادقا وأمينا تتبلور عنه تمثيلية للتجار مؤهَّلة في عمقها ميدانا وخبرة وتنسيقا للمساهة في إخراج البرامج الاجتماعية الخاصة بفئات التجار إلى حيز التطبيق.
الإنطلاق بالأساس مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في تدبير ملف التغطية الصحية والحماية الاجتماعية وإتاحة الإمكانيات التكميلية رهن قدرة الراغبين في ذلك لدى شركات التأمينات الخاصة.
الإشتغال في حدود معقولة وضرورية من أجل إنجاح برنامج من هذا الوزن الإجتماعي، ضمانا للتوازن والتوافق بين واجب الإنخراط في ظل قيم التكافل، وبين الحق في الصحة كمُبتغى إنساني وكمعيار يُجوّد ويُثمن القيمة البشرية.
تنزيل برامج التغطية الصحية والحماية الإجتماعية بصيَغٍ وأساليب مُهادِنة تُلامس تكلفتها قدرة التجار، وتحيط عنايةُ خدماتِها بهواجسهم، وتجيبُ على تطلعاتهم من جانب الإكرام المستحق للإنسان، وذلك من خلال إيجاد أنسَب العروض ضمن سلة علاجات تُحدد نسبة التغطية المتاحة وتُقرر الاشتراكات المفروضة.
الأخد بعين الإعتبار جانب الغرامات المترتبة عن كل تأخير أو تهاون أو سوء تقدير في ظل برنامج إجتماعي مؤسَّس على الترغيب والتحفيز عوض التشديد المبالغ فيه دون المس طبعا بهيبة الدولة كطرف أساسي في إنجاح المبادرة على شكل دستوري مكتمل الأركان.
استحضار هاجس العبء الضريبي باشكاله المختلفة لدى التجار، مقرونا برغبتهم كمواطنين في الإستفادة من الحق في الصحة، عند تسطير نوعيات الخدمات وفَرض الواجبات.
ملاءَمة سن التقاعد مع واقع كل مهنة حسب خصوصياتها.
ملاءَمة إجبارية الانخراط في نظام الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية مع الظروف المتقلبة ذات الصلة بمجريات السوق وتداعياتها على المزاولين للأنشطة التجارية بما فيهم المسيرون أو ما يصطلح عليهم ب”الكلاسا” المجبرين على الترحال من مكان إلى آخر.
وضع برنامج متنوّع يخوّل للتاجر إختيار صنف المنتوج الذي يرغب في إقتنائه حسب القدرة والرغبة.
إنشاء أقسام أو مصالح أو تعويض غير ذات الجدوى منها في الغرف التجارية بأخرى تُوكل لها مهمة الإشراف وتوحيد الجهود من خلال لجن تضم منتخبين وإداريين وذوي الخبرة على مأسسة نظام الحماية الإجتماعية والتغطية الصحية لدى منتسبي قطاع التجارة.
تفعيل الحضور الدستوري للغرف المهنية من خلال إشراكها الفعال في تحديد معالم الحق في الصحة على نَحو مقبول، وإدراج الحماية الإجتماعية ضمن المكتسبات الوجودية لمنسبيها، بتعاون مضبوظ ومنضبط مع النسيج الجمعوي الميثالي، تحكمه الدمقراطية التشاركية في أبهى قيمها التّشاورية والتّقريرية.
يتطلب برنامج الحماية الإجتماعية والتغطية الصحية من أجل تنزيله بطريقة حكيمة، ومفعمة بقيم المواطنة النبيلة، أن لا نغفل جانب الحكامة الجيدة، لضمان نجاعته، وتحقيق توازن موضوعي بين الحقوق والواجبات، بحس عالي من الأمانة والإخلاص، يعين على تحقيق الإستمرارية والدوام، في جوّ من الشفافية والمسؤولية وتكافؤ الفرص.
بالنهاية يمكن اعتبار برنامج التغطية الصحية والحماية الإجتماعية -إلى حد ما- جبرا للضرر، يحتاج منتسبو قطاع تجارة القرب بالخصوص إلى نموذج من هذا العرفان، وسيكون لوقعه الأثر الإيجابي على نفوسهم، إذا ما صيغ بشكل تفضيلي يراعي وضعيتهم الهشة في ظل ما يشهده السوق من إختلالات للموازين على مستوى غالبية الأصعدة.
الطيب آيت أياه