قطاع التعليم والتربية …القضية المؤرقة للمغاربة جميعا

الحقيقة 243 أغسطس 2019
قطاع التعليم والتربية …القضية المؤرقة للمغاربة جميعا

أ – قطاع التعليم والتربية …القضية المؤرقة للمغاربة قاطبة
يعد قطاع التعليم والتربية في مقدمة القطاعات الحارقة التي تراهن عليها الدولة المغربية (شعبا وملكا وحكومة)من أجل إيجاد حلول ناجحة وناجعة ومحو الصورة القاتمة والصادمة التي كشفت عنها تقارير صادرة عن مؤسسات دولية تتصف بالمصداقية والنزاهة والموضوعية. قطاع هام تراهن عليه الدولة من أجل تحقيق تنمية سوسيوثقافية وإقلاع اقتصادي حقيقي. قطاع حيوي وأساسي مرتبط بمختلف طبقات المجتمع. ولأنه سر تطور الأمم والدول، فقد كان صاحب الجلالة صادقا حينما قال : “إن التعليم قضية المجتمع بمختلف مكوناته،من قطاعات حكومية وجماعات ترابية ومجالس استشارية ومؤسسات وطنية وفاعلين جمعويين ومثقفين ومفكرين،دون إغفال الدور المركزي والحاسم للأسرة في التربية المبكرة للأطفال ومتابعة مسارهم الدراسي وتقويمه…”مقتطف من الرسالة السامية لجلالة الملك الموجهة إلى المشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الأولي يوم 18 يوليوز2018 بالصخيرات، تلاها وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي السيد سعيد أمزازي.
إذا كان ثمة إجماع على كون التعليم هو حجر الأساس في تقدم الدولة ونهضتها، فإن هذه المسلّمة البديهية تدفع المتتبعين والمهتمين إلى الجزم بأن القطاع لا ينبغي أن يكون موضوع مزايدات سياسوية وحسابات شخصية ضيقة، لأن مصلحة الوطن هي فوق كل اعتبار.
استنادا إلى هذه القناعة المبدئية التي ينبغي التحلي بها من أجل الدفع بالقضية الثانية -بعد قضية الوحدة الترابية- إلى الأمام. يحق لنا أن نضع 18 شهرا من تدبير الوزير الحالي أمزازي تحت المجهر ، ونحكم عليها بناء على المعاينة الميدانية ولغة الأرقام بعيدا عن أية مجاملة أو مداهنة أو تزلف أو تملق.
هل نجح أمزازي في تسيره لهذا القطاع الشائك أم أخفق، علما أن جل المشكلات المستعصية والتي لازالت عالقة بدأت منذ حكومة بنكيران ؟
ذلكم هو السؤال الذي سيجيب عنه هذا المقال.
ب – الحصيلة الاولية الوزير سعيد أمزازي بالأرقام :
إن إلقاء نظرة حصيفة وموضوعية ،بعيدا عن الأحكام الجاهزة والحسابات الضيقة ، ل 18 شهرا من تدبيره لهذا القطاع الشاق سيتضح بجلاء قيامه بمجهود كبير من أجل تنفيذ كل التوجهات السامية التي تسعى إلى إصلاح أعطاب المنظومة التربوية. يمكن اختزال هذه الحصيلة في الآتي :
1- قيام السيد الوزير بمجهود كبير لكي يصادق البرلمان بغرفتييه القانون الإطار للتربية والتكوين وقانون التكوين المستمر المتعلق بالتكوين المهني ؛
2- التخلي النهائي على نظام التعاقد وارساء نظام يضمن استقرار مهني واجتماعي لفائدة موظفي وأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ووضع إطار جديد يضمن لهم نفس الحقوق والامتيازات إسوة مع باقي موظفي الدولة التابعين للوظيفة العمومية، مع ضمان وتجويد الذي يهم هذه الفئة من خلال استصدار مرسوم سيرى النور خلال الاسابيع المقبلة ؛
3- تصفية مشكلة السلالم الدنيا وما يرتبط بها من معضلات، ضحايا النظامين او ما يسمون بشيوخ رجال التعليم وايضا الزنزانة رقم 9 التي عمّرت عقودا من الزمن ولم تجد طريقها إلى الحل إلا مع الوزير الحالي ؛
4- توسيع قاعدة المستفيدين من برامج الدعم والحماية الاجتماعية لمحاربة آفة الهدر المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة ؛
5- إطلاق برنامج التكوين الأساسي لفائدة اساتذة التعليم الابتدائي والثانوي عبر الاجازة في التربية والتكوين المفتوحة في جل المؤسسات الجامعية المغربية لتكوين اساتذة المستقبل ؛

6- إطلاق البرنامج الوطني لتعميم التعليم الاولي تبعا للتوصيات الملكية
7- إطلاق البرنامج الوطني للتربية الشاملة والمدمجة لفائدة تمدرس الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ؛
8- تسريع إحداث المدارس الجماعاتية و مضاعفة عددها في أفق 2021؛
9 – إطلاق برنامج مراجعة الكتب المدرسية وتطعيمها بمقاربات بيداغوجية ملائمة ومبتكرة ؛
10- تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، قام السيد الوزير بإطلاق جيل جديد من مؤسسات التكوين المهني عبر احداث مدن المهن والكفاءاتفي كل جهة مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات وإمكانات كل جهة؛
11- إصلاح نظام البكلوريا الذي لم يعد صالحا في الوقت الراهن ؛
12 استبدال نظام الإجازة بالباشلور من أجل تحفيز وتحقيق المردودية في المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح ؛
13- إصلاح نظام الدكتوراه لاعطاء البحث العلمي معنى لانتاج المعرفة ويكون ذا اثر على التنمية الاقتصادية؛
14-إحداث أكثر من 20 مؤسسة جامعية في جل أنحاء المملكة تحقيقا لمبدأ العدالة الاجتماعية والمجالية التي نصّ عليها الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة بمناسبة عيد العرش الأخير ؛
15- توظيف كل سنة أكثر من 1400 منصب لفائدة الأساتذة المساعدين عن طريق إحداث مناصب جديدة أو مناصب تحويلية لمواجهة النقص الحاد في الموار البشرية الذي يهدد الجامعات المغربية بسبب موجة التقاعد ؛
16 -الاتفاق مع النقابة الوطنية للتعليم العالي من أجل إحداث درجة استثنائية اعترافا بمجهودات الأساتذة الباحثين وتحفيزهم ومواكبة أعمالهم ومشاريعهم البحثية .وقد قام السيد أمزازي بإرسال نص الاتفاق إلى السيد وزير المالية .وهو الآن في طور الدراسة من قبل الحكومة ؛
تلكم باختصار شديد أهم ما حققه الوزير الحالي في فترة وجيزة لم تتجاوز 18 شهرا.
ج- ملفات مستعصية وثقيلة ورثها أمزازي عن حكومة بنكيران
كل المشكلات التي أثير حولها جدال وكانت السبب الرئيسي في ما حصل من إضرابات واحتجاجات كانت من مخلفات حكومة بنكيران. وهي على الشكل الآتي :
1- الجميع يعلم أن فكرة التعاقد في التعليم كانت منتوجا بنكيرانيا خالصا.ويعتبر هذا الملف الشائك من أبرز الملفات الملغومة التي ورثها الوزير أمزازي عن حكومة بنكيران ؛
2- إضافة ساعة إلى التوقيت العادي قرار اتخذته الحكومة وصدر في شأنه مرسومين.الأول كان في 28 شتنبر سنة 2013 والثاني كان في 7 ماي 2018.ورغم ذلك فقد ترك السيد الوزير لمدراء الأكديميات حرية تكييف التوقيت حسب الجهات ؛
3- مشكلة كليات الطب هي بدورها من مخلفات سياسة بنكيران والداودي والوردي . الوزير الحالي دخل إلى الوزارة والمعضلة مطروحة منذ 2015.ومع ذلك ، فإن مطلب طلبة كليات الطب الوحيد هو رفع عدد مناصب مباريات الإقامة le résidanat .وحل هذه المشكلة من اختصاص وزير الصحة وليس من مهام الوزير سعيد أمزازي ؛
4- ترقية الأساتذة بالدبلوم ألغاه بنكيران منذ7سنوات، كما ألغى محضر 2011 الذي وقعه عباس الفاسي مع تنسيقيات المعطلين. دون أن ننسى أيضا إلغائه أيضا للاتفاق بين الوزارة وتنسيقية دكاترة التربية الوطنية،حيث تم الاتفاق على تسوية ملفات هذه الفئة عبر 3 دفعات.تمت الدفعة الأولى في عهد عباس الفاسي، وبمجرد تحمّل بنكيران لرئاسة الحكومة ألغى الاتفاق برمته.
على سبيل الختم :
في ضوء هذه الحصيلة الإيجابية والأداء الفعال التي ميزت فترة تسيير الوزير أمزازي لهذا القطاع الشائك ، وبالنظر إلى حجم البرامج والمشاريع و الأوراش الكبرى التي أنجزت خلال هذه المدة الوجيزة والتي من شأنها أن تدفع بقطاع التعليم الى الأمام وجعل المغرب في مصاف الدول المتقدمة كما ورد في خطاب صاحب الجلالة ،في ظل هذه الانجازات الهامة التي اضطلع السيد سعيد أمزازي بإخراجها من مرحلة الوجود بالقوة الى مرحلة الوجود بالفعل ،استنادا إلى كل هذه المعطيات المجسدة على أرضية الواقع يجمع المتتبعون لقضايا التعليم وللشأن التربوي أن الوزير الحالي نجح في وضع هذا القطاع في السكة الصحيحة واضعا قطيعة مع إصلاح الإصلاحات التي اتسمت بها المنظومة التربوية عقودا من الزمن.

الاخبار العاجلة