كثر اللغط و سال في الآونة الأخيرة الكثير من المداد عن المركب الاجتماعي باب الخوخة “كرواوة” سابقا ، حتى صارت المؤسسة مقصد العديد من المنابر الاعلامية وطنيا ومحليا ، ومادة اعلامية لمن لا مادة له ، فمن يسعى لخبر فيه الكثير من التشويق والإثارة والبوز أصبح مقصده الأول والأخير هذه المؤسسة ، بشكل غيب في كثير من الأحيان خيط المصداقية وضاعت في هذا الهرج الاعلامي غير المسبوق حول المؤسسة حقيقة ما يقع هناك .
حاولت مواقع اعلامية مهنية وأصوات فايسبوكية حرة وفعاليات جمعوية جادة أن تنقل الحقيقة من هناك كما هي ، لكنها اصطدمت بسيل عرمرم من مواد اعلامية مضادة ، فرحل صوت الحقيقة بعيدا إلى حين أن تضع هذه الحملة أوزارها .
رئيس الجمعية المسيرة للخيرية الاسلامية السيد محمد المفيد ، اختار في ظل هذا الوضع طريق اللجوء إلى القضاء ، فهو الطريق الأنسب و الأقصر للوصول إلى الحقيقة ، محمد المفيد يعتبر أن المؤسسة قد تسلطت عليها “أيادي خفية ” تحركها هواجس ودوافع غير انسانية تريد النيل من سمعة المؤسسة والظفر بشؤون تسييرها ، فاختار اللجوء إلى القضاء لتفنيد كل الادعات والاتهامات الموجهة ضده ، مبديا استعداده الكامل تحمل المسؤولية القانونية في حال ثبت ضده جزء يسير مما نسبه إليه .
ليلة عيد الأضحى المبارك ، قناة الكترونية وطنية معروفة ، تستغل ظلام و عتمة محيط المؤسسة لتجري حوارا مصورا مع أحد نزلاء المؤسسة دون أن تكلف نفسها عناء دق باب المؤسسة ومعرفة الرأي الآخر ، صبيحة عيد الأضحى المبارك ينشر الحوار المصور على موقع القناة ، نزلاء فوق سن 18 سنة ينتقدون شروط المأكل والمشرب والمبيت داخل المؤسسة ، و يتهمون الجمعية المسيرة و رئيسها بالاستيلاء على ما تتحصله المؤسسة من طعام ، و يقولون بأن وجبة غدائهم كل سنة من أيام عيد الأضحى المبارك هي صحن أرز…
في نفس توقيت نشر هذه المادة الاعلامية ، جريدة الكترونية محلية تصور روبورتاجا داخل المؤسسة يوثق لعمليات ذبح أضاحي العيد لهذه السنة ، والعاملات المكلفات بالطبخ تنهمكن في إعداد أطباق الشواء واللحم المطبوخ لفائدة كل النزلاء ، وناشطون فايسبوكيون معروفون بفاس يوثقون هم أيضا بكاميراتهم نفس الوقائع من داخل الدار …فما هذا بحق رب السماء ؟؟
حالة من التناقض الصارخ أصابت المواطن الفاسي والمتتبع للشأن المحلي ، وكان السؤال العريض المعلق على واجهة كل المنابر الاعلامية حينها هو : “أين هي الحقيقة يا سادة ؟”.
بعد أيام قليلة ستستمع عناصر من الشرطة التابعة للدائرة الأمنية الثانية بفاس لأقوال أحد نزلاء المؤسسة ، يدعي فيها أنه تعرض لاعتداء بالضرب من قبل رئيس الخيرية الاسلامية ، بسبب نزاع نشب بين الطرفين حول جودة الخدمات الغذائية المقدمة ،
السيد محمد المفيد ، التزم في الآونة الأخيرة الصمت حيال ما يقع من استهداف مباشر و غير بريئ للمؤسسة التي يدير شؤونها – حسب وصفه – ، مفضلا عدم الكلام إلى حين انتظار ما سيخلص له التحقيق الذي تجريه أجهزة العدالة ، لكشف كل الأطراف التي لها علاقة بما يقع هناك ، فاتحا باب المؤسسة لكل المنابر الاعلامية المحلية و الوطنية لنقل حقيقة ما يقع داخل مؤسسة أصبحت مثار جدل واسع في الآونة الأخيرة داخل الأوساط الفاسية .
من لا يعرف مؤسسة الرعاية الاجتماعية باب الخوخة ، فهي مؤسسة تضم أزيد من 360 نزيل ونزيلة ، منهم عجزة و متخلى عنهم وأطفال مشردون و نصفهم مرضى نفسيون ، تشرف جمعية مكونة من محسنين وتجار على تدبير شؤونها المالية والإدارية ، بشراكة مع باقي المؤسسات الرسمية التي تشتغل في هذا الاطار ،
الحقيقة 24 ، لن تخوض في السجال الاعلامي الدائرة رحاه اليوم حول هذه المؤسسة ، وستختار هي الأخرى كلمة القضاء فيصلا في كشف الحقيقة ، إلا أنها تسجل و بإيجابية كبيرة طريقة تعاطي السيد محمد المفيد رئيس الجمعية الخيرية الاسلامية مع طلبات قناتنا إجراء معاينات ومواد اعلامية داخل المؤسسة ، إذ لم يثت عنه أنه رفض يوما قيامنا بواجبنا الاعلامي داخلها ، وحتى في حال عدم تواجده هناك نجد باب المؤسسة مفتوحا أمامنا ، في مساعدة وتجاوب كبير وتلقائي من لدن باقي أعضاء الجمعية و إداريي المؤسسة .
كلامنا هذا لا ينفي في المقابل إيماننا بأن المؤسسة تعيش اكراهات مالية جمة ، وهذا ما لمسنا في إحدى زياراتنا هناك انعكاسه السيء و المباشر على أوضاع النزلاء هناك : أسرة مهترئة وأفرشة متآكلة ، و هذا ما يستدعي في نظرنا التعجيل اليوم بإحداث لجن تتبع ودعم لهذه المؤسسة ، يشترك فيها الجميع ، فالعين بصيرة و اليد قصيرة ، و إخوان لنا هناك يعيشون ويلات الحرمان الأسري والعقلي والنفسي ، لن يقبل أحد بأن يعانو فوق معاناتهم الحرمان من شروط الرعاية الاجتماعية الضرورية ، وهذه مسؤولية يشترك فيها الجميع دون استثناء .
زهير حنفي
