شكلت فاس دوما حصنا حصينا لحزب الاستقلال ولذراعه النقابي الاتحاد العام للشغالين ، ففاس هي مهد هذه التنظيمات ، وعلى شوارعها خطت نضالات لها لن يمحوها التاريخ ، حتى ارتبط إسم الحياة السياسية والنقابية بالعاصمة العلمية بهذه المكونات المجتمعية التي ما زالت ضاربة بجذورها في عمق الذاكرة الحية للمواطن الفاسي .
لكن اليوم ليس كالأمس ، فها هي إحدى قلاع العمل النقابي بفاس تجلد اليوم بسياط الكيل بمكيالين على مرأى و مسمع من الجميع ، فعمدة فاس الأزمي يقرر اليوم إيقاف الراتب الشهري للكاتب الاقليمي للاتحاد العام للشغالين بفاس باعتباره يشغل مهمة موظف جماعي بفاس ، ملمحا إلى إمكانية عزله من وظيفته في حال عدم امتثاله لقرار الرجوع إلى العمل ، معتبرا طلب التفرغ النقابي المقدمة من طرف المعني بالأمر غير ذي جدوى .
لن نخوض في تفاصيل النيات المبيتة و غير المبيتة التي دفعت عمدة فاس لاتخاد هذا القرار ، فهو أمر ليس ذا أهمية مقارنة بالسؤال العريض الذي يجب طرحه وبقوة في هذه اللحظة بالذات وهو : ما موقف حزب الاستقلال بفاس من هذه الطعنة التي تلاقاها ذراعه النقابي بقلعته العتيدة ؟ ، و ما هي ملامح ردة فعله إن كانت هناك ردة فعل أصلا .
حزب الاستقلال و كما عهده الجميع هو حزب المؤسسات والمواقف الرسمية الواضحة ، وتدوينة النائب البرلماني الدكتور علال العمراوي تضامنا مع أخيه إدريس أبلهاض تدوينة شخصية لا تعني حزب الاستقلال في شيء ولا تعبر عن الموقف الرسمي له .
امتحان عصيب ومصيري تمر منه نقابة الاتحاد العام للشغالين بفاس ومعها حزب الاستقلال ، واختبار أكيد يأتي ممهدا لرسم ملامح المرحلة المقبلة بفاس ، فقرار عمدة فاس في هذا الوقت بالضبط لم يكن بريئا أو طائشا ، إذ تشتم منه رائحة النية المبيتة والتدبير القبلي المسبق ، فعمدة فاس يدرك تماما تبعات هذا القرار وآثاره وردود الأفعال المتوقعة وغير المتوقعة ، وهو ليس بالبليد حتى يصدر قرارا بهذا الحجم إلم يكن قد توفر على تطمينات و ضمانات لا يمكن التكهن بطبيعتها وأطرافها حاليا إلا بعد أن تتضح الصورة أكثر ، وهي الصورة التي ستظل ضبابية بفاس دون بلاغات ومواقف رسمية من مؤسسات حزبية ونقابية وعمالية لها علاقة بالموضوع .