يبدو أن وزارة الداخلية لها مفهوم خاص بها وقراءة سيكولوجية ، تقوم من خلالها بدراسة الظواهر الاجتماعية التي لتفسر الأحداث التي تدور رحاها داخل تراب جماعة سبت لوداية .
اليوم يتساءل الجميع، لما اختارت وزارة الداخلية موقف الجمهور المتابعة لمباراة في كرة القدم، منتظرة استنفاذ الوقت القانوني لشوطين كانت نتيجتهما محسومة وبادية لعموم المتابعين، تورط رئيس جماعة سبت لوداية وانغماسه في العديد من قضايا الفساد والتزوير، كما أكدت ذلك تقارير المجلس الجهوي للحسابات، لتنتقل بعدها مباشرة لتستمتع وإيانا بمتابعة ما تبقى من وقت بديل،
بدا جليا أنه سيكون أطول بكثير من الوقت القانوني لشوطي المباراة.
بعدما قضت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بمدينة فاس، المكلفة بجرائم المال العام، برفع العقوبة، في حق رئيس جماعة سبت لوداية بإقليم مولاي يعقوب (خ . ل) من 18 شهرا إلى سنتين حبسا نافذا، بتهم اختلاس، وتبديد المال العام، والمشاركة في تزوير محررات رسمية واستعمالها، وتزوير بطاقة وطنية.
أما كان على وزارة الداخلية أن تكون رحيمة بهذا الرئيس وتحرك في حقه مسطرة العزل إسوة برؤساء جماعات اخرين تم عزلهم، ولا تزال ملفاتهم في أروقة القضاء؟؟ هذا الأخير الذي أرهقته جلسات المحاكمة المراطونية ، التي امتدت لأزيد من ثلاث سنوات ولا تزال سيرورتها لم تنتهي بعد، بدت كلفتها جلية وواضحة المعالم على محيي الرئيس وردود أفعاله على أرض الواقع .
أكاد أجزم بأن رئيس هذه الجماعة لم يعد باستطاعته التطوع لخدمة الشأن المحلي وأداء المهام الدستورية، مما جعل حضوره للجماعة مقتصرا فقط على دورات المجلس العادية منها والاستثنائية، إذ لم تعد له القدرة على بناء جسور العلاقة بينه وبين المواطنين، والقيام بالزيارات الميدانية لإجراء لقاءات مجتمعية للإستماع للمشاكل والصعوبات التي تتخبط فيها ساكنة سبت لوداية، والعمل على حلها أو مصارحتها بحقيقة الوضع.
فلا يمكن اعتبار هذا الغياب أمرا عاديا ولا اعتباطيا، حتى نمر عليه مرور الكرام ، بل يدفع الجميع لطرح العديد من التساؤلات الجوهرية، نبسط منها على سبيل المثال لا الحصر ؛ الكيفية التي يتم بها تسيير مصالح الجماعة والمرافق التابعة لها في ظل الغياب الرئيس المستمر ؟
إن ما تشهد اليوم جماعة سبت لوداية من وقفات احتجاجية متكررة تكاد تكون يومية، وفوضى وتسيب لم تشهد له مثيل الساحة الوطنية ، وهذا ناتج طبعا عن غياب المسؤولية والحكامة الرشيدة لنخب أثبتت فشلها الذريع في التسيير الجيد لشؤون مواطنيها، مما تسبب في إحداث حالة من فقدان الثقة بين المواطن وهذه المؤسسات، إلا أن حالة انعدام الثقة هاته، لم تأت عبثا او اعتباطا انما انعكاسا للوقائع على الأرض، وما تحققه أو حققته هذه المؤسسة من امال وتطلعات تترجم الوعود التي أصدرت إبان الحملات الانتخابية عبر برامج وردية تهدف سياستها لذر الرماد في عيون المواطنين التواقين لتحقيق الرفاه والعيش الكريم ، هذه الأحلام التي سرعان ما تصطدم بأوضاع معيشية اسوأ من السابق.
إن ما دفعني لكتابة كل هذه الأسطر ، هي مشاهدتي لفيديو عبر صفحات الفيسبوك، يوثق احتجاج تلاميذ المؤسسات التعليمية التابعة لهذه الجماعة وجمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، داخل مقر الجماعة، مطالبين برحيل الرئيس، وتحميله كامل المسؤولية لتدهور قطاع النقل المدرسي، الذي صار شبه مشلول، الشئ الذي قد يكون له نتائج وخيمة على مستقبلهم.
عادل زويتن
كاتب رأي