ألا يحق لأصحاب السوابق القضائية أو الحباسة العيش بكرامة ؟؟؟

الحقيقة 2430 يناير 2020
ألا يحق لأصحاب السوابق القضائية أو الحباسة العيش بكرامة ؟؟؟

كثيرا ما تصادفك عبارة هذا الشخص له سوابق “حَبّاس”سواء في الفضاء العام أو الخاص، ويقصد بهذه العبارة الشخص الذي قضى عقوبة حبسية لارتكابه خطأ أو جرم أو جنحة في حق الفرد أو المجتمع فهذه الكلمة “حَباس” تكون كافية لدى الكثيرين لأخذ الحيطة والحذر من هذه الفئة بل يصل الأمر بالبعض إلى تصنيفه كخطر داهم على المجتمع وبالتالي يجب إبعاده فورا أو إعادته إلى السجن انطلاقا من أحكام جاهزة في حق هذه الفئة التي قادتها ظروف معينة إلى غياهب السجن دون حتى التفكير أن سبب دخوله السجن ربما يكون بسبب غلطة صغيرة أو نزوة عابرة أو شجار عادي تطور إلى ما لا يحمد عقباه أو شهادة زور من شخص بدون ضمير أو أن هذا الشخص يدفع ثمن خطأ لم يرتبه أصلا بسبب عدم عدالة النظام القضائي، قد تتعدد الأسباب ويكون السجن هو مصير فئة مهمة من المجتمع.

ومهما كانت الظروف والأسباب التي أدت بهذه الفئة إلى دخول السجن (رغم أننا كلنا معرّضُون للسجن في أي لحظة) فإن الثابث هو أن السجين نال العقاب الذي يستحقه بقضائه لعقوبته السجنية سواء كان قد أخطأ في حق الأفراد أو المجتمع أو قضى العقوبة ظلما، لكن هذا لا يعني عزل هذه الفئة وتهميشها بعد مغادرتها أسوار السجن ولا يعني أن هذه الفئة لا يحق لها بكرامة وتستفيد من كامل حقوقها الدستورية والكونية كباقي أفراد المجتمع لسبب بسيط هو إن كان هناك خطأ ارتكبه هذا الشخص أو ذاك فإنه دفع ثمنه من حريته وهنا يجب أن ينتهي الأمر ولا يجوز النظر إليه كمجرم طيلة حياته ويتم التعامل كشخص منبوذ.

مناسبة هذا الكلام هو الأحكام المسبقة والجاهزة والنظرة الدونية التي يُنظَر بها بعض أفراد المجتمع تجاه هذه الفئة (وهنا اقصد الفئة التي قضت عقوبتها وتريد أن تندمج في المجتمع كأي مواطن)، فهذه الفئة تتعرض للجلد والقسوة يوميا بسبب خطأ ارتكبته يوما وترافقها لعنات السجن أينما رحلت وإرتحلت مما يزيد من معاناتها على مختلف المستويات مع احساسها بالقهر والظلم وهي التي كانت تمني النفس بإحتضانها من طرف المجتمع حتى لا تجد نفسها مضطرة للعودة إلى السجن نتيجة هذه الأحكام المسبقة.

إن الدولة المغربية وإن كانت اشتغلت على هذه الملف الإجتماعي عبر إيجاد آليات مناسبة لإدماج هذه الفئة في محيطها فإن الكثير من المؤسسات العمومية والخاصة لا تتعاطى إيجابيا مع هذه البرامج وتعتبر السجين السابق مجرم وتتعامل معه على هذا الأساس وبالتالي يكون مصيره الإقصاء والتهميش دون حتى النظر إلى مؤهلات أو حسن سلوكه بعد قضاء عقوبته السجنية في إنتهاك صارخ للحق في الشغل والحياة الكريمة وكل مفاهيم حقوق الإنسان الكونية ، والفئة التي استطاعت الحصول على فرصة شغل (على قلتها) فإنها تتعرض يوميا لكل أشكال التمييز والإهانة سواء من طرف المُشَغِّل أو من طرف بعض المرتفقين وعامة المواطنين كما أن اجورها تكون الأدنى من باقي الأجوراء والمستخدمين وحقوق أقل مع إمكانية تعرضها للطرد في أي لحظة بسبب أو بدونه دون مراعات لإنسانية الإنسان أو مراعات لوضعها العائلي والأسري خصوصا وأن الكثير منهم متزوجون ولهم أطفال في إعتداء على كرامة بني البشر.

وفي حالات أخرى وعندما يكون مستخدم من هذه الفئة ” أصحاب السوابق” في إدارة أو مؤسسة عمومية أو شركة خاصة (على سبيل المثال لا الحصر حراس الأمن الخاص، عمال شركة النظافة، أو شركات البناء…) وعند وقوع أي مشكل أو احتكاك بسبب سوء الخدمات أو خلاف بسيط أو مشكل في القوانين المنظمة لعمل هذه أو تلك المؤسسة أو سوء فهمها، تجد أن بعض المواطنين يصب جام غضبه على تلك الفئة الخصوص دون غيرها بكلمات نابية وعنصرية وحاطة من الكرامة الإنسانية”… الحباسة ،المجرمون، عليكم بالعودة إلى السجن…..” رغم أنهم فقط ينفذون أوامر رؤسائهم دون مراعات العامل النفسي والمعنوي لهذه الفئة ولأسرهم وأطفالهم، وهنا تجد أن المواطن للأسف يلعب دور الجلاد بهكذا عبارات مهينة وقد يساهم في عودتهم إلى المربع الأول دون إدراك لخطورة كلامه وأثره النفسي على الآخرين.

ختاما أعرف أن هذا الكلام لن يعجب البعض لكنني اعتقد أن ثقافة مجتمع معين تكون هي أكبر حاضنة للإجرام، كما أنني مقتنع أن احتضان هذه الفئة ستكون في مصلحة الجميع وأن المزيد من تهميشها وتحقبرها ستكون له نتائج وخيمة على الجميع، كما أنني أريد أن الكثير من المسؤولين في هذا الوطن لهم سوابق قضائية وليس بسبب جنحة أو جريمة عادية بل بسبب سرقة ونهب المال العام أو جرائم كبرى وتجدهم الآن في الكثير من المؤسسات العمومية والمنتخبة، ولو كان هناك نظام قضائي عادل وتطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة لكان الكثير من المسؤولين في السجن لكن ورغم كل هذا تجد هذه الفئة المحظوظة من كبار اللصوص تحظى بالاحترام والتقدير من طرف الكثيرين.

نورالدين عثمان

الاخبار العاجلة