يصعب تصديق حقيقة أن نذل “مواطن” كويتي زار المغرب كسائح ونفذ جريمة اغتصاب وهتك عرض قاصر بدم بارد وغادر المغرب وكأن شيئا لم يحصل ضاربا القانون والدستور المغربي وكل المواثيق والعهود والإتفاقيات الدولية خصوصا اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 والتي دخلت حيز التنفيذ سنة 1990 وكل القيم الإنسانية والأخلاقية وتعاليم الدين الإسلامي عرض الحائط ، بل الأخطر من ذلك الإعتداء على كرامة شعب بأكمله وإستهزاء بكل مؤسساته الدستورية والمدنية.
هكذا إذن الأمر : نذل قادم من دولة الكويت وبكل برودة دم يعتدي على فتاة قاصر ويمارس عليها شذوذه وساديته الموغلة في التوحش ويهتك عرضها ويغادر أرض المغرب في إتجاه موطنه ،وأكيد سيحكي لإصدقائه وأبناء عشيرته تفاصيل الواقعة بتلذذ كبير ويحكي عن جمال المغربيات وكيف أنك بالمال تستطيع أن تفلت من أي جريمة قمت بإرتكابها بكل سهولة وسيحكي بنوع من السخرية عن تفاصيل شراء اللحم الأبيض الرخيص في المغرب، وبنوع من التعالي والفخر سيحكي كيف أنه أفلت من قبضة القضاء وغادر المغرب بكل بساطة وسهولة ، وأكيد أنه سيقوم بتشجيع الشواذ مثله إلى زيارة المغرب مع ابتسامة عريضة تعلو محياه داعيا إياهم إلى ركوب مغامرة مضمونة من أجل التلذذ باللحم الطري مؤكدا لهم أنه لا شيء سيحصل لهم وأن الأمور ستكون على ما يرام .
يصعب تصديق حقيقة أن هذه القضية أخذت مجراها الطبيعي وفق مساطر القانون المعمول بها في مثل هذه الحالات ، ويصعب تصديق أن هناك خطأ أو سوء تقدير لدى القضاء ، ويصعب تصديق أن ذلك النذل الكويتي غادر المغرب في ظروف غامضة علما أن هناك ضمانات قدمت للمحكمة من طرف السفارة الكويتية لكنها بدورها نكثت بوعدها في إنتهاك صارخ لكل الأعراف الديبلوماسية رغم أن تمتيع هذا المجرم بالسراح المؤقت غير مفهوم ، لكن لماذا غادر هذا النذل المغرب وكيف تمت عملية المغادرة؟ ولماذا تم إطلاق سراحه أصلا مع العلم أن التهمة ثابثة في حقه؟ وهل تَنازل أبويْ الضحية القاصر كافِ لإطلاق سراح النذل الحقير، أليس حماية حقوق هذه القاصر من واجب الدولة أولا وفق كل الاتفاقيات والقوانين الدولية…..
إن افلات هذا النذل من العدالة يعتبر إنتهاك صارخ لإتفاقية حقوق الطفل لسنة 1990 والتي صادق عليها المغرب رسميا بتاريخ 14 يونيو 1993 خصوصا المادة 19 منها والتي تُحتِّم على الدول الموقعة على الإتفاقية “… تتخذ الدول جميع التدابير التشريعية والإدارية والإجتماعية… لحماية الطفل من كل أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية والنفسية…. بما فيها الإساءة والاستغلال الجنسي….” إضافة إلى مواد كثيرة في هذه الإتفاقية الدولية التي تحث الدول على توفير الحماية بكافة أشكالها إلى الطفل.
لكن الأكثر صدمة ليس فرار الذئب الكويتي من المغرب بكل بساطة وسهولة وتنازل أبويْ الطفلة فقط بل هو ما صرح به عضو في الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمراكش حين أكد أن الجمعيات الحقوقية والنسائية الأخرى التي كانت انتصبت سابقا كطرف مطالب بالحق المدني هي الأخرى تنازلت عن الدعوى ضد هذا الوحش الآدمي بإستثناء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي تمسكت بمتابعة ذلك النذل الكويتي، في حين تنازلت باقي الجمعيات الإرتزاقية فيما اختارت باقي الجمعيات التي تشتغل على حقوق الإنسان والطفل والمرأة الصمت في في مشهد مخزي ومذل وجبان…
إن هذه القضية- الصدمة تتطلب مساءلة الجميع ومحاسبتهم ويجب أن تشمل المساءلة القانونية حتى أسرة الطفلة والجمعيات الإسترازقية التي تتخذ من قضايا حقوق الإنسان مطية للاسترزاق لأن الأمر يتعلق بكرامة شعب بأكمله تم تمريغ وجهه وكرامته في التراب أمام أنظار كل شعوب ودول العالم ،إن التساهل مع هكذا حالات الإغتصاب وسياسة الإفلات من العقاب سيجعل منا أضحوكة أمام العالم وسيشجع كل الذئاب البشرية في العالم إلى المجيئ إلى وطننا من أجل نهش لحوم أطفالنا والاستماع بها لأنها أصبحت رخيصة إلى حد لا يمكن تصديقه .
إنها الصدمة لأن كرامتنا تم تمريغها في التراب من طرف حثالة بتواطئ مع أبناء جلدتنا للأسف.
نورالدين عثمان : فاعل حقوقي