منذ آخر استحقاقات انتخابية سنة 2016 و حزب الأصالة و المعاصرة يعيش بجهة فاس مكناس مُتَدَبْدِبًا بين هشاشة التنظيم و قلّة التواصل إن لم نقل انعدامه. فهو لم يستطِع إلى حدود الساعة تنزيل ورشه التنظيمي على مستوى الجهة : تنسيقيات إقليمية لا زالت حبرا على ورق منذ تأسيسها، لم ترق بعد إلى تنظيم متجذر داخل الدوائر و بين الأحياء قريب من هموم المواطنين و انشغالاتهم.
قبل الصراع السابق بين تياري بن شماس و وهبي، كان الحزب يجتهد جهويا بقيادة أمينه الجهوي زهير العليوي لإعادة هيكلة الجهة و كل إقليم على حدة، كما كان هذا الأخير يعمل مثابرا لترسيخ فضيلة التواصل إن مع هياكل الحزب أو مع المواطنين.
لكن في منعطف تهجين التراكتور المغربي و استبدال عجلاته بنظيره التركي مع مجيئ وهبي، تضاعفت أزمة التواصل و التنظيم على مستوى جهة فاس مكناس خاصة بقيادة النائب البرلماني محمد حجيرة الأمين الجهوي الجديد للحزب. فالعديد ممن تواصلت معهم جريدة الحقيقة24 من مناضلات و مناضلي الحزب على المستوى الجهوي و خاصة على مستوى مدينة فاس و تاونات أكدوا تقهقر الحزب تنظيميا و عابوا عليه شبه انعدام التواصل مع مناضلاته و مناضليه و مع باقي المواطنين. إذ نادرا ما يتواصل الأمين الجهوي مع مناضلي الجهة و قليلا ما يجيبهم في الهاتف، و هو ما عبر عنه أحد المناضلين من قرية با محمد.
ينضاف إلى هذا، الفراغ التنظيمي الذي ما زال يعيشه الحزب جهويا : عدم تشكيل الأمانة الجهوية التي لا زال يسيرها شخص واحد فقط (الأمين الجهوي)، شبيبة مهترئة (انشقاقات داخل المكتب الجهوي) و لا وجود لمكتب فعلي يسهر على تتبع المنظمة على المستوى الجهوي، ناهيك عن شبه انعدام منظمة النساء و باقي التنظيمات (الطلبة، المهندسون الأطباء…).
في ذات السياق، فتتبع منبر الحقيقة24 للمشهد السياسي و الحزبي الجهوي و الإقليمي، و بحكم احتكاكنا بمناضلي و قياديي أغلب الأحزاب، فإننا نسجل غياب الحزب على مستوى عمالة مدينة فاس لا سيما على مستوى مقاطعة جنان الورد، المرينيين و سايس. و هذا يدل على انعدام رؤية واضحة لقيادة الحزب بفاس التي يرأسها الأمين الإقليمي محمد السليماني بفاس.
لم يتوفق هذا الأخير في إرساء تنظيم قوي يواكب هموم الساكنة، آمالها و آلامها كمعارضة سياسية لديها قوة اقتراحية و قادرة على تسجيل مواقف سياسية تتماشى مع مصلحة الساكنة : لم نسمع لحزب الجرار بفاس صوتا لا في صفقة “الباركينات” و لا في قضية “باب بوجلود” التي ستتشرد بسببها العديد من العائلات. لم نرى له أثرا يوم مكث الفاسيون في منازلهم في الحجر الصحي بسبب الجائحة. أين هو تضامن الحزب ؟ أين هي مؤازرته للساكنة ؟متى خرج مناضلوا الحزب للتواصل مع المواطنين و تحسيسهم بمخاطر فيروس كورونا ؟ كان غائبا بشهادة العادي و البادي.
يكفي سرد هذه المعطيات و إن لم نُفَصّل فيها كاملة لنستشرف مستقبل هذا الحزب في الإستحقاقات القادمة : سيفشل لا محالة و ستكون سقطته مدوية إن لم ينفض الغبار الذي عليه و يستفق من سباته العميق لينافس باقي الأحزاب التي تسبقه بخطوات كبيرة. فهل الاستقطابات الباهتة الأخيرة بإقليم مولاي يعقوب هي التي ستضع التراكتور على الطريق الصحيح ؟ لا ثم لا ؟ هل سينجح الأمين الإقليمي بفاس في جلب وجوه جديدة ذات مصداقية ستكون قادرة على إقناع المواطن الفاسي ببرنامج انتخابي و قدرته على النهوض بأوضاع ساكنة فاس و الترافع عليها وطنيا ؟ لا نظن مع استمرار الحزب على هذا النهج ؟ أين الأمين الجهوي ؟ دائم الغياب و نادر التواصل حتى مع أبناء دواره و جماعته “تمزكانة” كما أكده لنا أحد سكانها.
سيكون لنا في الأيام المرتقبة مواضيع متصلة سنتطرق من خلالها للوضع السياسي و التنظيمي لحزب الأصالة و المعاصرة و باقي الأحزاب، فكونوا في الموعد.