هل كان عمدة مدينة فاس في كامل قواه العقلية عندما قرر تفويت صفقة مواقف السيارات لشركة إيطالية و بهذه الشروط ؟ هل يعلم أنه بهذه الصفقة سيشرد أكثر من 600 أسرة بفاس ؟ ألا يعرف أن التسعيرة الجديدة بهذه الباركينات تفوق بكثير القدرة الشرائية للمواطن الفاسي أم أن مستوى البذخ الذي أصبح يعيشه بفضل “الديبشخي” الذي أوصله إلى البرلمان و وضعه على رأس جماعة فاس جعله لا يرى البؤس الذي أصبح يعيشه مواطنو هذه المدينة ؟
لا يختلف اثنان من أبناء مدينة فاس على أن هذه الصفقة إن تم تفويتها فإنها ستدمر ما تبقى من القدرة الشرائية للمواطن الفاسي البسيط : فليس كل الفاسيين يمتلكون سيارات فارهة من نوع “جاكوار” مثلا أو “رولس رويس” بل إن أكثرهم من الموظفين و المهنيين البسطاء الذين إذا ما امتلكوا عربات للتنقل فغالبا لا يتعدى سعرها ثلاثة أو أربعة ملايين سنتيم تقيهم فقط حر الصيف و برد الشتاء. كيف يعقل أن يدفع موظف أو مهني بسيط 20 درهما في اليوم ثمن ركن سيارته بدون حراسة و أجر و وظيفته لا يتعدى 3000 درهما في الشهر ؟ هل انقرضت الشركات و الكفاءات المغربية ليسمح العمدة لنفسه بجلب شركة إيطالية لترسو عليها هذه الصفقة و تستفيد هذه الأخيرة لمدة 25 سنة من دجاجة شوارع و أزقة فاس التي ستبيض لها ذهبا ؟
هل فعلا المواطن الفاسي و ميزانية الجماعة هي المستفيدة من هذه الصفقة أم أن هناك أطرافا أخرى هي من ستستفيد ؟
لماذا يصر الحارتي نائب عمدة فاس على تمرير هذه الصفقة و إقناع الفاسيين بهدفها النبيل مستعينا بحجج واهية للتدليس و ليس للبرهان؟
كأن يقول مثلا أن هذه الصفقة ستذر على ميزانية فاس 600 مليون سنتيم سنويا و 51% من الأرباح فهذا عين التدليس على المغاربة و هذا هو الضحك على الذقون لأنه و بكل بساطة : ماذا ستربح هذه الشركة من استثماراتها في مواقف السيارات و إعادة تأهيلها مثل موقف السيارات بساحة فلورونس الذي سيتطلب ميزانية تفوق 74 مليون درهما لتشييده. فأين هي إذن هذه الأرباح التي ستجنيها الشركة الإيطالية و هي التي ستكون قد صرفت ملايين الدراهم على هذه المشاريع ؟ هذا التضارب يطرح عدة شكوك ؟
في ذات السياق، أليس من التدليس بمكان بأن يدّعي نائب العمدة أن السيارت ستكون في أمان الله و حفظه و لو بدون حراس لأن جميع الباركينات ستكون مزودة بكاميرات مراقبة ؟ ياللسخرية !؟ حتى و إن افترضنا هذا جدلا، فكيف سيتدخل مسؤولو الشركة في حالة سرقة إحدى السيارات أو تحطيمها مثلا من طرف شخص ما ؟ كم من الوقت سيتطلب حضورهم إلى عين المكان ؟ ما هي المسطرة الإدارية و القانونية التي ستتبعها الشركة لمؤازرة المتضرر ؟ كل هذه الأسئلة تبقى بدون إجابة لأن الشركة نفسها و الجماعة ليس لهما إجابة ؟
نقطة أخرى سوداء في هذه الصفقة ألا وهي تشريد أزيد من 600 عاملا. ألم يفكر السيد العمدة في أُسَرهم ؟ هل لهم من معيل ؟ من ينفق على أبنائهم ؟ ألا يخشى مسؤولو الجماعة اللهَ فيهم و هم مَن يدعون التقوى و الإيمان في حزبهم الإسلامي ؟
هل خطط السيد العمدة و من معه لإدماجهة في الشركة الجديدة أو تعويضهم بمبلغ من المال يضمن لهم كرامتهم ؟
لا و كلّا لا. لأن هاجس العمدة هو راحة المستثمر الإيطالي و ليس هؤلاء العمال الذين صوتوا عليه ليدبر شؤونهم و يمثلهم. فكيف له أن يحميهم و هو يخطط و يحارب ليحمي أموال المستثمر الأجنبي ؟
كل هذه الخيانة و الظلم الذي تعرض له المواطن الفاسي من طرف العمدة لن يثنيهم عن الدفاع عن حقوقه، بل إن هذا سَيُحفزه أكثر لصيانة حقوقه. وتبقى آمال الفاسيين معلقة بيد وزارة الداخلية الممثلة في السيد والي جهة فاس مكناس ليحميهم من بطش العمدة في هذه الصفقة و يمنع تمريرها و المصادقة عليها لأنها سترهن شوارع و أزقة فاس ل 25 سنة.
هذا نداء الفاسيين، فهل من مجيب ؟