هي فضيحة بكل المقاييس، بطلها نصاب محترف، استغل ضحايا سذجا رغم تكوينهم الأكاديمي، للنصب عليهم في التوظيف، عن طريق ممارسة طقوس الشعوذة والتنبؤ بعلم الغيب واحتراف التكهن، فأسقط ضمن ضحاياه فتاة حاصلة على الدكتوراه.
تفجرت القضية حينما أخبر المشعوذ الملقب ب”الفقيه بوخبزة” عناصر فرقة محاربة العصابات بالأمن الإقليمي بسلا، في الخامس والعشرين يناير الماضي، بأن فتاة تتحدر من حي التقدم بالرباط، في طريقها لمحطة سيارات الأجرة الكبيرة بحي قرية أولاد موسى، وتتحوز على كميات مهمة من الأقراص الطبية المخدرة.
هرعت عناصر الأمن إلى مسرح الإخبارية، وأوقفت الشابة (ك.ج)، وحجزت لديها كيسا بلاستيكيا يضم خبزتين، داخل إحداهما 29 قرصا مهلوسا من نوع “نورداز”، صدمت الشابة بعد استفسارها عن سبب حيازتها للأقراص، فصرحت أنها تجهل المخدرات وبأنها تسلمت الخبزتين من فقيه، مهمته التوسط لمساعدة الراغبين في التوظيف.
صدمت الضحية المحققين حينما أخبرتهم أنها حاصلة على شهادة الدكتوراه وسلمت الفقيه “بوخبزة” مبلغ أربعة ملايين سنتيم ونصف مليون، مقابل مساعدتها في الحصول على وظيفة، وحينما تسلم المبلغ شرع في مماطلتها منذ شهور، وتوصلت إلى أنه نجح في مساعدة أشخاص على الحصول على وظائف بعد قيامه بتعاويذ لفائدتهم، فأخبرها أنه رأى في منامه بأنها حصلت على وظيفة بإدارة الدفاع الوطني، وبأنها سلمته خبزتين، مقترحا عليها إحضارهما إلى وكره الواقع بزنقة طنجة بحي الكفاح بقرية أولاد موسى للقيام بتعويذة لفائدتها وتسريع حصولها على الوظيفة المطلوبة، وفق يومية “الصباح”.
وأثناء وصول الفتاة إلى بيت الفقيه ومنحها الخبزتين، -يضيف المصدر ذاته- طلب منها التوجه إلى محل للبقالة لإحضار رائحة زكية “عود”، فاستغل غيابها لدس الأقراص المهلوسة لها في الخبز، وأثناء عودتها إلى بيته طلب منها وضع الخبزتين في نهديها، ووضعها تحت وسادتها أثناء وصولها إلى منزلها.
بعدما تسلم الفقيه من الفتاة المبلغ المالي، وصرفه على أبنائه، وجد نفسه في موقف محرج، للتخلص من طالبة التوظيف، فحبك سيناريو توريطها في الاتجار بالأقراص الطبية المخدرة، للحد من مكالماتها الهاتفية الواردة عليه، وكلف شابين منحرفين، الأول يلقب ب”انعيجة” والثاني ب”اعبيقة” لاقتناء الممنوعات، فتوجها إلى حي مولاي إسماعيل للقاء التاجرين الشهيرين ب “ارويدة” و”ولد كبور”، وحصلا على المواد المخدرة المطلوبة، فكشف الوسيطان أمام الأمن عن علمهما بالنية المبيتة وبالخطة الإجرامية للمتورط الرئيسي، الذي علم بقرب تقديم شكاية ضده، من أجل النصب في حال عجزه عن استرجاع المبلغ المالي المسلم إليه من الحاصلة على الدكتوراه.
ولم يكتف أحد الوسطاء بجلب المخدرات لفائدة الفقيه مقابل عمولة مالية، بل لجأ إلى موقع للتواصل الاجتماعي لنشر أخبار زائفة عن الفتاة، من أجل التشهير بها ودفع الأمن إلى إيقافها بتهمة المخدرات، بدعم من المشعوذ الذي أخبر أمن مكافحة العصابات بأن الفتاة تتحدر من حي التقدم بالعاصمة، رغم علمه بأنها تقطن بحي السلام بسلا.
تيقنت عناصر الضابطة القضائية أن الفتاة لا علم لها بوجود الأقراص الطبية داخل الخبزتين، وبأن صلة اتجارها في المحجوزات مستبعدة، فداهمت بيته لتعثر على أزيد من 20 صورة فوتوغرافية، ضمنها صور ثلاثة أمنيين، تبين أنهم كانوا يرغبون في الحصول على ترقيات، كما تبين أن صورا أخرى طلبها الفقيه من أجل تطويع الأزواج لفائدة الزوجات أو السحر، ضد رؤساء العمل وغيرها من التعاويذ، التي يحتاجها الشخص لقضاء أغراضه الشخصية، وشملت المحجوزات طلاسيم وكتابات يهودية وجداول.