لمياء الشاهدي
قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إن مابات يعرف بالديمقراطية الإنسيابية، أو ديمقراطيات التمثيليات الخارجة عن لعبة الانتخابات، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت فاعلا سياسيا، لايمكن القفز على مكانته، وأدواره، وتأثيراته على مصدر القرار السياسي.
وشدد وهبي، في جواب له عن سؤال: “أي مستقبل للديمقراطية الانتخابية”، على أن الأخيرة، تعيش أزمة داخل المجتمعات الحديثة، على خلفية أزمة اقتصادية، واجتماعية مطبوعة بانتشار مظاهر الفقر، والهشاسة، واتساع الهوة بين الأغنياء، والفقراء.
وهبي اعتبر أن أزمة الديمقراطية تتفاقم أكثر أمام ما وصفه بـ”تنامي تهديدات القوى الشعبوية الثقافية، والدينية، والانخفاض اللملحوظ لسيادة الوطنية للدول، مما دفع الأغلبية إلى التساؤل عن جدوى الانتخابات، والتعددية السياسية، والتشكيك في أهمية المؤسسات الدستورية، وهجر الأحزاب السياسية، وصار كل عمل سياسي إلا وينظر له بحيطة، وحذر.
وشدد وهبي، في مداخلة له في الندوة، التي نظمها منتدى أصيلة، في موضوع “أي مستقبل للديمقراطية الانتخابية”، على أنه صار من الصعب أمام وقائع مختلفة، إمكانية الحديث عن تطور ديمقراطي، وبالنسبة إليه، فالمطالب الاجتماعية الرائجة، اليوم، هي مطالب أفراد أكثر مما هي مطالب مواطنين، أفراد يطالبون بتنظيم أقل للحياة العامة وأحيانا يسعون للتخلص من هذا التنظيم.
في المقابل، أكد الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أن الخطاب السياسي للمنتخبين لم يعد يمثل مصالح اجتماعية، بل يريد فقط تدبير الاقتصاد أمام عولمة لا يراقبها، أما الشباب، والمثقفون، فقد أداروا ظهورهم للسياسة، والأحزاب، والنقابات غدت أجهزة ليس إلا، وهو الأمر الذي أدى، بحسب تحليل وهبي، إلى إفراز هوة سحيقة بين الفرد، والدولة، تستغلها مقاولات الإشهار والدعاية، ما جعل الكثير من المفكرين العصريين المهتمين بالشأن الديمقراطي يتحدثون عن بروز مفهوم “الجوقة” la foule، بدل الحديث عن مفهوم المجتمع، بسبب انعدام التواصل السياسي، والتمثيلية بين المؤسسات السياسية، والحياة الاجتماعية بفعل الهيمنة الايديولوجية، أو سيطرة القوة المالية.
وهبي خلص إلى أنه من الشروط السوسيو-سياسية لقيام حياة سياسية ديمقراطية كفيلة بتقدم، وازدهار المجتمعات العصرية، وحتى تتمكن مختلف القوى الاجتماعية فيها من الحصول على تمثيلية ديمقراطية حقيقية داخل مختلف المؤسسات السياسية، لابد من تحقيق شرطين أساسيين، أولهما، حسب وهبي، يجب أن تكون هذه القوى منظمة داخل مجالها الخاص، وثانيها يجب أن يكون لها من يعبر باسمها داخل الرأي العام.
وهبي شدد، أيضا، على أن من شروط نجاح الديمقراطية الانتخابية داخل المجتمع، هو توفرها على قوى اجتماعية مستقلة، ومؤسسات حرة، ورأي عام نقدي، ومتسامح