سفيان.ص
هي فنانة شابة شقت طريقها بكل ثبات وعزيمة، بعد أن تم اكتشافها في إطار نشرها لصورها عبر حائطها الفايسبوكي الخاص الشي الذي تفاعلت معه أعين التشكيليون ، لتبدأ مرحلة التكوين والبحث والتعامل مع الصباغة والألوان، والتعمق في الورشات الفنية و المهرجانات ، لحين تلقيها عناية خاصة من قبل والدتها التي واصلت معها مسيرة التتبع والتكوين، مما أهلها من الفوز بالعديد من الجوائز الوطنية و الدولية في الفن التجريدي ، ومنها بدأت الانطلاقة الحقيقية، إنها الفنانة التشكيلية “أميمة بدود” من مواليد مدينة فاس سنة 1991، تعمل كمصممة أزياء بعد أن وجدت ضالتها في الفن و تناسق الألوان، حاصلة على ديبلوم من معهد السياحة و الطيران إلا أن فن الرسم جدبها إلى عالمها بحكم توسعها في مجال التشكيل والإبداع.
فهي فنانة تشكيلية شابة ، عصامية، موهوبة، أحبت الألوان والريشة في سن مبكرة بعدما ألهمتها والدتها و أخذتها كقدوة أمامها نظرا لتعلقها بالرسم مما جعلها تتابع دراستها في التصميم و الإبداع ، فأميمة بدود تفهم عن قرب علاقة اللوحة والظواهر الاجتماعية كي تعبر عنها بكل عمق، تناسق الألوان أحد تيماتها ، أبدعت وتلقت تنويها من قبل المهتمين بكل من تركيا و تونس و الهند البرتغال ، فرنسا الفيليبين و غيرها من الدول التي كانت تحلم أميمة بزيارتهم منذ نعومة أظافرها ، إنها فنانة بكل ما تحمله الكلمات من معاني لأن حبها للتشكيل هو ما يجعلها دائمة البحث والتطوير”.
“أميمة بدود ، فنانة استهوتها الطبيعة بجميع ألوانها وأشكالها، فاستطاعت بألوانها البهية اختراق الصمت والتعبير عما يروم في الوجدان من هواجس وتخيلات وأحاسيس لتغيير هذا الواقع، بإيحاءاتها التشكيلية الحالمة، حيث لم تجد أمامها من سبيل إلا لغة اللون كلغة كونية مشتركة وأداة للتواصل مع محيطها وتحقيق طموحها وأمنيـاتها بدل اللغة المتعارف عليها بنقل هذه الإحساسات والإيحاءات، هي إنسانة قبل أن تكون فنانة ، جادة وعاشقة بعمق للانطباعية، ترسم كل ما تقع عليه العين ويشغف إليه القلب، انطباعية تقوم على تسجيل الانطباع اللحظي الذي تقع عليها عينها، ودون عناء تقوم بإعادة تشكيل عناصره وتوزيعها عبر مساحات اللوحة في تناغم لوني وضوئي مفعم بالحيوية والروح، يكشف عن تداخل وتقاطع ضربات الفرشاة بشكل متوازن، يعبر عن هدوء وصفاء روح الفنانة وسموها النفسي، واضعة أدق التفاصيل المفضية إلى هارمونية عالية، تجعل من المتلقي يشعر بأنه أمام لوحات متحركة وناطقة، إنها البصمة التي ميزت “أميمة بدود ” من خلال أعمالها، (حركية اللوحة ولغتها) مرسخة موقعها داخل الحقل التشكيلي المغربي من خلال مشاركتها في عدد من المعارض بدءا من الهند و البرتغال و فرنسا …. وصولا إلى عاصمة الفن مدينة أصيلة التي شاركت من خلالها في مهرجان “موسم أصيلة”.
أعمال تنم عن موهبة فذة متقدة ومتمرسة تستقي قواعدها من الانطباعية التي لونت مدلولاتها التشكيلية بأكبر قدر من التكثيف والإيحاء ونبض المشاعر الصادقة. مقربون من أميمة يقولون على أنها فنانة شابة موهوبة، وإنسانة صادقة، جدية، متواضعة مثابرة طموحة وذات أخلاق عالية. سبق لهم التعامل معها في العديد من المناسبات من خلال مشاركتها في العديد من المعارض و الورشات الفنية ، رفقة ثلة من الفنانين التشكيليين المعروفين، تترجم أعمالها الفنية في كل مرة صدقا وعمقا كبيرين، وجمالية خاصة في ترجمة الأشكال والألوان، إلى جانب الاعتناء بأدق التفاصيل، وهو ما يعبر عن رهافة حسها وعمق نظرتها للأشياء”.
وإذا كانت أميمة بدود قد استخدمت ألوانا عبرت من خلالها على وهج الأفكار و جمالها في أحلى تجلياتها وفق تدرجات لونية على شكل نوتات موسيقية دافئة وعذبة تداعب من خلالها خيال المتلقي وتجعله يشاركها هذا الحس الجمالي المرهف والعشق اللامنتهي، فإننا نجدها لصيقة بما هو تجريدي أصيل ، مستنهضة بتقنيتها العالية مكانته في زخم ما هو محدث ومعاصر، محاولة استدراج المتلقي لعالمها و خيالها ، فهي رغم ميلها للتبسيط فقد استطاعت من خلال ألوانها الفلكلورية المتداخلة فيما بينها (الأبيض والأزرق والأخضر والبني والأصفر) أن تشد المتأمل لها من خلال حوار بصري نسجته ضربات فرشاتها عبر مساحات اللوحة و فراغاتها عاكسة جمال الطبيعة و مكوناتها .
على العموم، يمكن التأكيد على أن تجربة الفنانة التشكيلية “أميمة بدود ” والتي تسعى من خلال مسيرتها الفنية التي ابتدأتها و هي صغيرة السن كعصامية لتطورها بالبحث المضني والعمل الجاد بدعم من أسرتها التي مدت لها يد العون ، إلى أن وجدت ذاتيتها في المدرسة التجريدية ، كما استلهمت عشقها هذا أيضا من والدتها ، محتفية باللون في كامل زينته، وبما تنسجه فرشاتها من أعمال نابعة من دواخلها تبعث على الأمل والحياة وفق حس شاعري ساحر، فرغم صغر سنها إلا أنها استطاعت كسب احترام وود كل المهتمين بالفن التشكيلي من فنانين ونقاد، ولعل ما يمكن أن نسجله في حقها ما قاله عنها أحد مقربيها ،”هي فنانة من بين باقي الفنانات التشكيليات التي سطع نجمهم بمدينة فاس خلال السنوات الأخيرة، فوجدت فيها الفتاة المجدة والمثابرة التي لا تكل من البحث والتنقيب إلى أن وجدت لمستها الخاصة بها في الساحة التشكيلية وهي اليوم من بين اللواتي يمتلكن إمكانات هائلة، وكل ما يجب علينا كإعلام و مجتمع مدني إلا أن نشجعها ونعبد لها الطريق كخلف لخير سلف”.