لا تتذكر بالضبط، من حفر في “عقلها الباطن” بأن أحسن طريقة للابتزاز في مجتمع محافظ هو إشهار ورقة التحرش الجنسي، لكنها تعرف حجم المكاسب التي حصدتها، إلى حد الآن، من التوظيف الجيد لهذا السلاح الفتاك ضد “الرجال”.
في مكتبها الجديد المطل على واجهة بحرية، تدين (ز) كثيرا إلى لعبة التحرش الجنسي التي استعملتها بإتقان، منذ أن التحقت متدربة في “مهنة” حرة بسلك القضاء، حتى وصلت، اليوم، إلى مراتب عليا، وصنعت لها صيتا وشهرة وجاها، وانتقلت من مجرد ابنة مستخدم بسيط في خدمة الإنعاش الوطني، إلى اسم يقام له ولا يقعد في القطاع الذي تنتمي إليه.
منذ البداية، أدركت (ز) أن جسدها سر قوتها الضاربة. فرغم طولها المتوسط، وملامحها السمراء ووجهها الدائري بـ”حروف” صغيرة، كابدت لعدة سنوات كي تصنع من كل هذه الأشياء المتفرقة، شيئا ذا جاذبية، يسيل اللعاب، ويسهل عمليات القنص البري باستعمال فخ التحرش الجنسي.
بعد توصلها برسالة قبول في مكتب بوسط المدينة في مدة تدريب لم تزد عن أسبوعين، التقطت (ز) الإشارة بسرعة، وتوجهت إلى صالون الحلاقة المجاور، وأوصت صاحبته بتغيير ملاحمها كليا عن طريق تسريحة جديدة للشعر وشكل من الماسياج أكثر جاذبية، وهي تطلع إلى وجهها وقوامها إلى المرآة، سحبت مبلغ 700 درهم من حقيبتها وسدتها في يد “الكوافورة” التي تفاجأت لهذا الكرم الحاتمي لابنة الجيران.
في الزوال، ارتدت (ز) جلبابا من نوع “إيفازي”، وكعبا عاليا، وحملة حقيبة يد بلون الجلباب الأحمر، ثم توجهت إلى المكتب في العنوان المشار إليه، وتعمدت الدخول دون أن تطرق الباب، ولم تتوقف إلا أمام مكتب “المدير” الذي وقف من مقعده مرتبكا، وهو يلقي السلام على الوافدة الجديدة.
لم يأخذ المدير الشاب يومين في يد (ز)، حتى وجد صوره وتسجيلات صوته وتلميحاته الجنسية، منسوخة وموضوعة فوق مكتبه، وفوقها عبارة “ادفع، ولا غادي تشوه مع مراتك وصحابك”.
غادرت السيدة القوية المكتب قبل انتهاء مدة التدريب بثلاثة أيام، بعد أن توصلت بمكالمة هاتفية من سكرتيرة مكتب آخر، أرسلت لهم سيرة ذاتية مشفعة بتجربة غنية في المكتب السابق.
طورت (ز) من أسلوب الاستدراج، إذ عوض أن تكتفي بفضاء المكتب، كانت تقبل دعوات لشرب فنجان قهوة، أو تناول وجبة عشاء في مطعم مطل على البحر، لكن سرعان ما تستعمل هذه الدعوات، في خانة التحرش والتحريض على الجنس، وصك اتهام تواجه به ضحاياها الذين أصبحوا بالأعداد.
راكمت (ز) أموالا بالملايين بالتهديد والابتزاز، تمكنت من الاستثمار في مشروع خاص (محل لبيع ملابس النساء)، قبل أن تفتح مكتبا في زاوية شارع شهير، تصل إليه بسيارة يقودها سائق.