وجه الحسن الداكي الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة مداخلة قيمة بمناسبة الندوة الدولية المنظمة حول موضوع العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية وعدالة الأحداث.
و في كلمته، أكد الداكي أن حرية الأفراد تحظى بقدسية خاصة، جعلتها تتبوأ منذ القدم مركزا متميزا في المواثيق والأوفاق الدولية، والتي حَفٌَت المساس بها بضمانات عديدة، تصبو في مجملها إلى جعل القضاء هو الجهة الوحيدة القادرة على سلبها، بعد احترام ضوابط المحاكمة العادلة وتمتيع المشتبه فيه بكامل حقوقه الدستورية والكونية بحيث يكون سلب الحرية هو الحل الوحيد لردع الجاني وتحقيق الانصاف.
و أضاف الداكي بأنه إذا كانت العقوبات السالبة للحرية تعرف انتشارا عالميا كجزاء تقره القوانين لتحقيق الردع العام والخاص، فإن الدراسات والتقارير الدولية الصادرة عن الهيئات الأممية كمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات، واللجنة الدولية للعدالة الجنائية والوقاية من الجريمة تؤكد أنه على مستوى الممارسة فإن اللجوء العام إلى عقوبة السجن يتصاعد، دون إمكانية البرهنة على أن ذلك ينتج عنه تحسن في مؤشرات الأمن والسكينة العامة.
زاد قائلا: “في العالم حاليا ملايين السجناء، يتوزعون ما بين معتقلين احتياطيين ومدانين نهائيين، ولا شك أن الأرقام التي لا زالت تسجل سنويا ترسم خطا تصاعدياً في معظم البلدان، كانعكاس موازٍ للدينامية الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية التي يعرفها عالم اليوم إلى جانب ارتفاع الكثافة السكانية ومعدلات الجريمة”.
الداكي قال أيضا: “إذا كانت آثار السجن عموما وخيمة وتغرق الدول والأفراد في أعباء مختلفة منها ما هو مادي واقتصادي، ومنها ما هو اجتماعي وأسري، فإن هذه الآثار تكون أكثر شدة إذا انصب سلب الحرية على طفل متورط في ارتكاب جرم، فإصلاح الأحداث ورعاية مصلحتهم الفضلى يقتضي أن يكون تدبير الاعتقال أبعد ما أمكن عن عدالة الأحداث”.