ما يزال سوق الجملة للخضار بفاس يسيل الكثير من المداد في الصحافة الإلكترونية و وسائل التواصل الاجتماعي، فمنذ تولي المجلس الحالي لجماعة فاس مسؤولية تدبير الشأن المحلي برئاسة العمدة البقالي طفت إلى السطح مشاكل بالجملة من داخل السوق. حيث صرح العديد من التجار و المهنيين بسوق الجملة بفاس أن هذا الأخير يعرف عدة خروقات على مستوى التدبير تتجلى أبرزها في عدم وزن الحمولة الكلية للشاحنات التي تعبر الميزان، إذ يتحايل المسؤولون عن مراقبة الميزان على قانون التعشير عبر تسبيق العجلات الأمامية للشاحنة المراد وزن حمولتها حتى يتسنى لهم تسجيل وزن أقل و هو ما يعفيها من “التعشير”.
احتيال آخر ينهجه بعض التجار بتواطؤ مع مسؤولي الميزان و ذلك من خلال وزن الصناديق البلاستيكية الخفيفة على أنها خشبية، ما يسمح بالاستفادة من حمولة إضافية معفية من التعشير قد تصل إلى 3 طن في بعض الأحيان. هذه الخروقات إن صحت كما أعلنها بعض التجار و المهنيين في تصريحات إعلامية سابقة و كما أكدها آخرون لجريدتنا، فهي تتسبب في خسارة الملايين من الدراهم على خزينة جماعة فاس، و هو ما سيتوجب فتح تحقيق من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة لترتيب الجزاءات حسب درجة مسؤولية كل متدخل.
من زاوية أخرى، يبرز التجاذب إن لم نقل التطاحن السياسي بين مكونات مجلس جماعة فاس من أغلبية و معارضة ؛ فهناك من يتهم نواب للعمدة و على رأسهم الاستقلالي مراد البوزيدي المسؤول عن السوق بالتواطؤ مع موظفي سوق الجملة و التستر على الخروقات مقابل الاستفادة المالية بطريقة غير قانونية ، و هناك من يدعي أن أطرافا أخرى تنتمي لتيار شباط تتهم نواب العمدة المسؤولين على مرفق سوق الجملة بسوء التدبير و الاختلاس. فمن يا ترى الصادق من السارق في هذا التصارع السياسي ؟
لكن موازاة مع كل هذا الجدل القائم على مستوى تدبير سوق الجملة للخضار بفاس، جاء التقرير الأخير لمجلس المنافسة ليقدم معطيات خطيرة تخص تبديد الأموال العمومية ؛ فقد جاء في التقرير أن سوق فاس لا يدر على خزينة الجماعة سوى 15 مليون درهم سنويا و هو دخل ضعيف إذا ما قارناه مع مدينة تطوان التي تسجل دخلا سنويا يقدر ب 39 مليون درهم أو طنجة التي تضخ 49 مليون درهم في خزينة الجماعة. هذا الفساد الذي يُضَيّع على الدولة أموالا طائلة كان بالإمكان استثمارها في البنية التحتية لمدينة فاس حتى يستفيد منها المواطن يكرس الهروب الهروب من المسؤولية.