عبد الإله شفيشو/ فاس
لقد أظهرت الحكومات المتعاقبة على تسيير البلاد أنها عاجزة على تأمين الدخول المدرسي العادي لكل المواسم الدراسية من حيث توفير البنية التحتية والمناهج والبرامج التعليمية اللازمة وكذا من حيث توفير الموارد البشرية والكل يعلم التعثرات والارتجاليات التي تعيشها المؤسسات التعليمية مع بداية كل دخول دراسي والتي تنتهي دائما بتضرر فئة كبيرة من التلاميذ ومعاناة الأسر بسبب عدم تمكينهم من نفس فرص التعليم، ومع كل دخول مدرسي جديد تطرح إشكالية التعليم العمومي ببلادنا والمشاكل البنيوية التي يتخبط فيها نتيجة اختلالات عديدة يعيشها قطاع حيوي يعتبر ركيزة أساسية من ركائز التنمية البشرية ويعول عليه في بناء مجتمع العلم وبناء الإنسان، هذه الوضعية المقلقة تعكسها التقارير المنجزة سنويا من طرف منظمات دولية الذي تصنفه في المراتب المتأخرة إلى جانب دول تعاني من الحروب والاقتتال والفقر.
إن المشاكل التي يعاني منها التلامذة المغاربة في المدرسة العمومية بشكل خاص لها علاقة بسوء التدبير والتخطيط وغياب إرادة حقيقية وعقلانية في حل المشاكل البنيوية لمنظومة التربية والتعليم خصوصا على مستوى الموارد البشرية والبنيات والتجهيزات المدرسية وجودة الخدمات التربوية والاجتماعية والمنهاج التعليمي ككل ، إن المشاكل الحقيقية للدخول المدرسي لا يمكن أن يصفها أي مسؤول مهما كبرت مسؤوليته كما سيصفها الأستاذ باعتباره الأكثر احتكاكا بالميدان وباعتباره كذلك الأكثر حضورا سواء في الوسط الحضري أو الوسط القروي، أما بالنسبة للمسؤولين فهم يجمعون فقط هذه المشاكل وقد يختزلونها ببساطة في نسب جافة لا تعكس الواقع مع العلم أنها تتزايد سنة بعد سنة وتطور من سيء إلى أسوأ ولا تتأثر بخطابات الإصلاح ، فالذي يقع غالبا عند تأزم الوضع هو أن يأتي مسؤول آخر إما من وزارة الفلاحة أو السياحة أو الداخلية … ويصرح ببرودة أن سابقيه ارتكبوا أخطاء فوظفوا بلا تكوين وأكثروا الضم وكرسوا القسم المشترك و و و… فيأتي بسياسة جديدة تدوم مدة ولايته الشيء الذي يعطي الانطباع أن هذا القطاع مجرد حقل للتجارب بامتياز لأنه لم يسبق أن رأينا أو سمعنا في أي بلد في العالم أن مهمة التدريس تكون بلا تكوين وما دام ذلك موجودا فكل شيء ممكن.
إن مشاكل الدخول المدرسي لهذه السنة 2022/2023 لن تختلف عن السنوات السابقة بل لربما ستكون أكثر حدة من سابقاتها في يخص ضعف الإمكانيات البشرية المؤهلة لأداء وظيفة التعليم خاصة أمام اعتماد الوزارة على الأساتذة المتعاقدين لحل مشكل الاكتظاظ والخصاص المهول حيث سيلتحقون بشكل مباشر بالحجرات الدراسية لمباشرة عملية التدريس رغم قصر مدة تكوينهم التي لم تتجاوز ثلاثة أسابيع مما يستوجب الالتجاء لدورات تكوينية في البيداغوجية بعد التحاقهم بالعمل، إلى جانب المشاكل المرتبطة بالموارد البشرية تنضاف كذلك المشاكل المتعلقة بجودة المقررات الدراسية والخدمات التربوية والاجتماعية الموجهة للتلاميذ وكذلك الوسائل اللوجستيكية المخصصة، قد تكون الوزارة المعنية عن القطاع استطاعت أن تمسك عنها غضب الآلاف من آباء وأمهات التلاميذ والتلميذات وأن تخمد نيران مشاكل أغلب المؤسسات التعليمية ببلادنا ولكنها تناست أن مثل هذه الإجراءات تتناقض و الإصلاح الذي تعتزم الوزارة نفسها الانطلاق فيه والمتمثل في الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المدرسة العمومية المغربية (2015-2030).
إن عمل وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة وعلى رأسها الوزير الوصي الحالي على القطاع هو أشبه بعمل رجل الإطفاء والذي تتلخص مهمته في إخماد الحرائق الخطيرة التي تهدد السكان وممتلكاتهم فكما ليس من مهمة رجل الإطفاء الوقوف على أسباب الحرائق لمعالجتها لتجنب حرائق أخرى مشابهة بل مهمته تتوقف على معالجة الأعراض والنتائج كذلك هو حال وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة اليوم إذ لم تعد تهتم بتوفير أطر إدارية وتربوية جديدة تساعد في هذا الدخول الدراسي المرتبك ولتجاوز الخصاص فمشكل قلة الأطر الإدارية والتربوية هو مشكل تتحمل مسؤوليته الوزارة نفسها لأنها هي الطرف الوحيد المحيط بمعطيات الفائض والخصاص في عدد الأطر لذلك لزاما عليها أن تهيئ العدد الكافي من المناصب الجديدة في مشروع المالية للسنة الماضية، كما لم تعد مهتمة كذلك بالتسريع بعملية التسلم النهائي لمؤسسات طال فيها البناء والتجهيز لمدد زمنية غير معقولة تاركة التلاميذ والتلميذات ومعهم أهاليهم يعانون في ولوج مؤسسات أخرى أكثر بعدا وأكثر اكتظاظا في انتظار العودة إلى مؤسساتهم الأصلية الذي أصيح بمثابة حلم صعب التحقيق هذا فضلا عن المشاكل القديمة الجديدة التي تهب مع حلول كل موسم دراسي جديد.