نبه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، المسؤولين القضائيين بمحاكم المملكة، إلى ضرورة التصدي لبعض أشكال استغلال الإذن بتعدد الزوجات، وذلك بعدما توصل بمعلومات تفيد باستعمال بعض الأزواج المأذون لهم بالتعدد الإذن نفسه عدة مرات.
وأوضح عبد النباوي، في مراسلة وجهها إلى الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية ورؤساء أقسام قضاء الأسرة، أن بعض الأزواج المأذون لهم بالتعدد، يستغلون عدم تضمين اسم المرأة المراد التزوج بها بالإذن بالتعدد الممنوح لهم، فيستعملونه عدة مرات، لإبرام عقود زواج غير مأذون بها، دون اللجوء إلى المحكمة لاستصدار إذن جديد بالتعدد.
وأوضح المسؤول القضائي أن عدم تضمين أسماء المراد التزوج بهن في الإذن بالتعدد يفتح المجال للتحايل واستعمال الوثيقة الممنوحة لعدة مرات، كأنه شيك على بياض، متابعا بأن ذلك يفرغ النصوص القانونية الموضوعة لحماية الأسرة من محتواها، ويفقدها نجاعتها، كما أنه يعصف بالحقوق المقررة للزوجة في مسطرة التعدد، ومن ذلك حقها في التعرف على الزوجة التي يعتزم زوجها الاقتران بها، وتمكينها من فرض شروط لفائدتها أو لمصلحة أطفالها عن بينة واختيار، في إطار المسطرة المنصوص عليها في المادتين 44 و45 من مدونة الأسرة. كما أن القاضي ملزم بإشعار المرأة المراد التزوج بها في حالة الإذن بالتعدد قبل العقد عليها بأن مريد الزواج بها متزوج بغيرها، وترضى بذلك، تؤكد المراسلة.
وأشارت المراسلة إلى أن الإذن بالتعدد يمنح في شكل مقرر قضائي يتعلق بواقعة محددة ومعينة بذاتها، ولا تتعدى حجيته الوقائع التي صدر من أجلها، ولذلك ينبغي أن يكون واضحا في صياغته، دقيقا في منطوقه لأجل تلافي كثرة التأويلات في استعماله أو عند تنفيذه.
كما أكدت المراسلة على ألا يستعمل الإذن بالتعدد لإبرام عدة زيجات بدل زيجة واحدة، وهو ما يقتضي أن تكون طلبات الأطراف محددة بكل وضوح ودقة، وتخص وضعيات محددة، ما يستدعي تضمينها جميع المعلومات التي تمكن المحكمة من البت في تلك الوضعية وتحديدها، بما فيها بيان هوية المراد التزوج بها من قبل طالب الإذن بالتعدد، لكون هذا الإذن يؤسس لمشروع زواج، يصفه المشرع بكونه “ميثاق تراض وترابط شرعي على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوجين”.
ومنعا للتلاعب بالإذن بالتعدد واستعماله لحالات أخرى غير ما منح لأجله من جهة أخرى، دعا الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف ورؤساء المحاكم الابتدائية ورؤساء أقسام قضاء الأسرة بالعمل على تضمين الإذن بالتعدد الذي تمنحه الهيئات القضائية المختصة كافة المعلومات المتعلقة بالأطراف، بما فيها اسم المراد التزوج بها من طرف طالب الإذن بالتعدد، حتى لا يستعمل في زيجات متعددة، وإخبار المجلس الأعلى للسلطة القضائية بما قد يعترضهم من صعوبات في هذا الصدد.
وتأتي هذه المراسلة رعيا من المجلس الأعلى للسلطة القضائية لضمان ممارسة مسطرة التعدد وفق الضوابط القانونية السليمة والالتزام بأحكامها من جهة، وحفاظا على حقوق الزوجات وكرامتهن وتماسك الأسرة واستقرارها من جهة ثانية.