سفيان صهران
إنها فاس يا سادة، مهد التراث و الحضارة المغربية ؛ حضارة شيدتها الأجيال بعد الأجيال على مر 12 قرنا، و ها هو الخلف يتسلم المشعل من السلف، ليرسم معالم مغرب عريق بأنامل “المعلمين” و “الحرفيين” الذين أبدعوا في المعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي و التضامني لجهة فاس مكناس.
معرض يؤكد سنة بعد سنة على رِفعة مكانته و حضوره القوي كأبرز معرض للاقتصاد الاجتماعي و التضامني على الصعيد الوطني، مرسخا بذلك قيم التآزر و التضامن بين مختلف الأطياف المتدخلة.
مجلس جهة فاس مكناس اختار هذه السنة للدورة الثالثة للاقتصاد الاجتماعي والتضامني شعار “دعامة للتنمية الجهوية ورافعة للنموذج التنموي الجديد” تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس و بشراكة مع وزارة السياحة و الصناعة التقليدية و الاقتصاد الاجتماعي و التضامني.
و قد تميز يوم الافتتاح بحضور السيد والي جهة فاس مكناس و السيد رئيس الجهة، و السيدة ممثلة وزارة السياحة و الصناعة التقليدية و الاقتصاد الاجتماعي و التضامني، بحضور السادة عمال عمالات و أقاليم الجهة، و السادة أعضاء الجهة، و السادة المستشارين البرلمانيين، و السادة رؤساء المصالح الأمنية، و السيد ممثل البرلمان العربي، و السيد ممثل سفير فلسطين بالمغرب، و وفد عن جهة كورسيكا بفرنسا، و السادة رؤساء المصالح اللاممركزة، و عدة فعاليات أخرى.
الجميع التأم في فضاء “ملعب الخيل” بمدينة فاس على مساحة تمتد ل 4000 متر مربع بفضاء مفتوح ميز المعرض لهذه السنة عن باقي الدورات.
و لعل نجاح دورة هذه السنة راجع بالأساس لانفتاح الجهة على دول أجنبية أبرزها دولة فلسطين، إلى جانب وفد عن جهة كورسيكا و وفد عن السنغال. بالإضافة إلى اعتماد النسخة الأولى لمعرض القفطان المغربي بمشاركة أفضل المصممين في المغرب، و بحضور نسائي قوي عزز مقاربة النوع، و منح للمرأة مكانتها التي تستحقها في المجتمع المغربي.
هذا و أكد السيد عبد الواحد الأنصاري في معرض كلمته الافتتاحية يوم 15 أكتوبر الجاري، أن المعرض الجهوي يشكل رافعة أساسية للاقتصاد الجهوي تفعيلا للجهوية المتقدمة، لا سيما و أن المغرب انخرط في تنزيل نموذج تنموي جديد برعاية جلالة الملك نصره الله.
و أوضح السيد رئيس جهة فاس مكناس أن المعرض الجهوي الثالث يعكس أبعادا اجتماعية و اقتصادية، هدفها تجويد المنتوج التقليدي و تطويره بما يحقق طموحات المهنيين من تعاونيات و جمعيات مهنية و صناع تقليديين.
في ذات السياق، أشارت السيدة خديجة حجوبي نائبة رئيس مجلس الجهة، المكلفة بقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وتنمية الأنشطة التقليدية إلى أن هذا المعرض يرتكز على تحقيق العدالة المجالية بالجهة، و تثمين المنتوج التقليدي، و تحقيق التنمية الجهوية و تسويق المنتوجات، لا سيما و أن جائحة كورونا قد أثرت على الاقتصاد الوطني و تسببت في ركود بعض القطاعات لأكثر من سنتين.
بالمقابل، سجلنا كصحفيين في فريق جريدة الحقيقة 24 و كمهتمين بالاقتصاد التضامني و الاجتماعي بعض الملاحظات بخصوص النقط التي أثارت انتباهنا في هذا المعرض : من بينها غياب الابتكار و التجديد في المُنْتجات المعروضة، نظرا لعدم المواكبة و التكوين للتعاونيات المشاركِة ؛ و هو أمر مَوْكُول لمؤسسة التعاون الوطني و لغرفة الصناعة التقليدية و لباقي المتدخلين، كما أن اقتصار المعرض في الشق الأكاديمي على الورشات، و غياب الندوات التي كان يُسْتوجَب أن تستضيف خبراء لمناقشة آثار الاقتصاد التضامني على الاقتصاد الوطني و أهميته في تحسين دخل الفرد و خلق فرص الشغل، شكّل فراغا موضوعاتيا كان من الممكن ملؤه في هذه الدورة. جانب آخر رُبّما قد أُهمِل بغير قصد، أو سَقط سهوا عن المنظمين، هو عدم تنظيم زيارات ميدانية لفائدة بعض الزوار و الضيوف إلى مقرات التعاونيات و الجمعيات لمشاهدة مراحل الإنتاج و معاينة إبداع الصانع التقليدي المغربي بعين المكان.
هذه الملاحظات التي نبتغي منها توصيات نضعها بين أيدي المنظمين بهدف إغناء المعرض مستقبلا و تجويده، لا تعني بتاتا نقصانا في دورة هذه السنة، بل على العكس، فالمعرض حقق نجاحا باهرا أشاد به كل الزوار و صفق له العارضون و المشاركون، و قد ساهم في إشعاع مدينة فاس و في خلق رواج تجاري و عقد شراكات و اتفاقيات بين المهنيين و الزبناء، ستساهم لا محالة في تطوير المنتوج التضامني المغربي في المستقبل.
يومه الاثنين 24 أكتوبر الجاري ، كان ختامه مسك، فالمعرض أسدل الستار عن دورته الثالثة، محققا نجاحا كبيرا على كل المستويات، و معززا مكانة الجهة و خاصة مدينة فاس كمدينة رائدة في تثمين منتوج الصناعة التقليدية و التضامنية.
و اختُتِم المعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني لجهة فاس مكناس، مسجلا نجاحا منقطع النظير و تاركا في نفس الوقت للنفس شيئا من ذكراه قد تشفي غليلها منه في الدورة المقبلة و التي ستضرب للزوار و المشاركين موعدا لها السنة القادمة ف النسخة الرابعة .