عادل عزيزي
“خليوني نرجع فحالي، واش باغيني نموت؟”، “باغية نولد في الدار”، “بغيت نعيش لوليداتي”، عبارات حزينة، رددتها “خديجة”، الحامل في حالة مخاض، قرب قسم الولادة بالمستشفى الإقليمي بتاونات، لم ترد خديجة ولوج القسم المذكور لأنها تفضل الولادة التقليدية “لدى القابلة”، لكن الخوف من شبح الموت دفعها إلى التراجع عن الولادة في المستشفى.
ورغم توسل الزوج، وإلحاحه على خديجة بأن تدخل المستشفى، بعد أن وصلت مرحلة المخاض، إلا أنها رفضت، وخرجت مهرولة في اتجاه سيارة الأجرة، وساعتها، لم يجد الزوج بدا سوى احترام رغبتها، ونقلها إلى مكان سكنهما، في إحدى قرى تاونات، كي تلد لدى المولدة التقليدية، القابلة.
خديجة واحدة من النساء الحوامل، اللواتي تسرب إليهن الخوف، بعد سماعهن عن المعاملات اللاإنسانية و اللاأخلاقية ” الضرب، الشتم، كلام ساقط…” التي تتعاملن بها المكلفات بالحوامل بقسم الولادة، فأغلبهن لا يدخلن هذا القسم، إلا بعد أداء الشهادة، ولديهن يقين أن مصيرهن سيكون المقبرة.
تروي إحدى الأمهات، (رشيدة)، التي عاشت ليلة عصيبة بالمستشفى، “سكتي لْمّْـ.. كاتعارفي تهزي رجـلـيـ.. غير مع راجلـ.. “، هي إحدى نماذج العبارات المشينة الموجهة لبعض المتوجعات..، في مقابل اكتفاء بعض الممرضات بالضحك والسخرية على النساء اللائي يصرخن من معاناة وجع الولادة، تحكي رشيدة.
مأساة النسوة الحوامل تتفاقم في ظل العوز والفقر، فيكابدن عناء التنقل إلى تاونات وكلهن أمل أن يضعن مواليدهن في ظروف حسنة، في حين التزمت وزارة الصحة الصمت أمام هذا الوضع الكارثي الذي يعانيه مستشفى يستقبل نساء حوامل من الإقليم، والذي أصبح فقط محطة عبور لفاس في استهتار بصحة المواطن سواء كانت الحالة مستعجلة او غير ذلك.
فإلى متى ستتوقف معاناة حوامل إقليم شيشاوة؟، ومن يستفيد من هذه الوضعية الصحية بالإقليم ؟، وما ذنب أبناء وبنات الشعب من هذه العشوائية التي يتخبط فيها هذا القطاع بالإقليم ؟، وأين دور المسؤولين ومندوبية الصحة من كل هذا؟