عادل عزيزي
لا يختلف اثنان حول مدينة تاونات، كونها كانت إلى وقت قريب، رمزا من رموز المجد والبطولات لحضارة قبائل اجبالة، باتت اليوم فاقدة لسحرها ورونقها، فاقدة لكل قيمتها وتأثيرها، وجاذبيتها، أمام تفشي عوامل التهميش والإقصاء والتخلف على مسايرة الركب التنموي الذي تشهده باقي مدن المملكة، فقد أضحت تتخبط وسط المشاكل والنقائص التي تعكر صفو حياة الساكنة، التي ما فتئت تعبر عن استيائها وتذمرها الشديدين جراء الأوضاع المزرية التي نخرت مدينتهم.
مدينة تعيش ركودا تنمويا خطيرا في عدة مجالات، ركود أسهمت فيه عدة عوامل متداخلة، وهو ما يتضح من خلال شلل البنيات التحتية الأساسية الذي أصاب أجزاء المدينة مساحة و ساكنة، ما بات ينغص الحياة اليومية، نتيجة إعدام التنمية بفعل أفعال فاعلين مفعول بهم وسط جمل من الأنشطة الموزعة تارة بين الفعلية وتارة أخرى بين الاسمية، يكاد لا يفعم المبتغى منها تحت طائلة أنها غير مفيدة أو مركبة بين المتناوبين على تسير الشأن العام المحلي بمدينة بات سكانها يعلقون أمالا كبيرة على زيارة أو “غضبة” ملكية لعلها تساهم و لو بالقليل في الاقلاع بالمنطقة اقتصاديا واجتماعيا، و تمسح البؤس الذي يعتلي محيا أغلبية من يقطن بها.
تاونات… المدينة التي لا توحي بأنها مدينة بالمفهوم الحضري الشامل المتعارف عليه، بل صورتها لا تكاد تخرج عن إطار تجمع سكاني بقرية معزولة جاد عليها بعض المحسنين ببعض الأعمدة الكهربائية، فلا وجود لمرافق بإمكانها أن تجعل من المدينة منطقة مؤهلة، و لا تنمية لوحظت، و لا مشاريع ساهمت و لو بالقليل في تنميتها و ساعدت على الاقل في انتشالها من واقع التهميش و الاقصاء الذي تعاني منه، فبمجرد أن تطأ قدماك هذه المدينة، حتى تلمح من الوهلة الأولى الوضعية المزرية والحالة الصعبة التي يعيشها سكانها في صمت بسبب الغياب شبه الكلي للرأسمال المحلي، و التقاعس السياسي والاقتصادي لكافة المستويات والفعاليات المحلية عن طرح إشكاليات المدينة الحقيقية أمام انظار صناع القرار.
إن حرمان مدينة تاونات من الاستثمارات العمومية على غرار باقي مدن الجهات، رغم مساهمتها بفعالية في الناتج الداخلي الخام، أفرز ركودا قاتلا تعيش على إيقاعه مختلف المجالات الحيوية، مما زاد من تفاقم الآفات الاجتماعية المسيئة والمشوّهة لصورة تاونات، وضمنها انتشار الجريمة والتسول، بات يفرض بإلحاح تظافر جهود كافة النخب السوسيوثقافية، والسياسية، والاقتصادية من كافة المشارب، للتصدي لكل اللوبيات التي تعمل على قتل الاقتصاد ومحاصرة الاستثمار الجاد، لفكّ الحصار الاقتصادي والاستثماري المضروبين على المدينة، ومنح ساكنتها الحق في حياة كريمة، عن طريق استغلال مؤهلات المدينة في بناء منظومة مجالية تخدم الاقتصاد المحلي والجهوي والوطني، حتى تحظى بالجاذبية والتنافسية والاستثمارات، وذلك لما لها من موقع استراتيجي.
فهل ستظل المدينة في قبضة يد فئة قليلة من المحظوظين؟؟ أولئك الذين حجَّموا طموحات شبابها، وهل سيزول البؤس والحرمان وتستعيد المدينة وسكانها سعادتهما المفقودة؟؟