عادل عزيزي
وأنت في طريقك إلى مركز مدينة تاونات من الجهة الجنوبية، يلفت انتباهك بناية مهجورة لم يكتب لها أن تفتح أبوابها للزائرين، وبقيت شاهدة على عدم الوفاء بالوعود، ما يدفع أبناء المدينة اليوم للتساؤل، حول الأسباب الحقيقية التي جعلت السلطات تستمر في إغفال هذه المشروع السوسيو-ثقافي المهم وتجاهله..؟، هل هي عادة تاونات بامتياز تعودت عليها السلطات و المجالس المنتخبة بتاونات، لتجعل عدة مشاريع تتوقف أشغالها..؟!.
الواقع الأليم لعدد من المشاريع المتوقفة، يذهب في هذا الاتجاه، ويجعل من تاونات مدينة المشاريع المتوقفة بامتياز ، بحيث توالت التخطيطات العشوائية، التي تميزت بسوء التقدير لمحاولة إخراج عدد من المرافق التنموية، والرياضية، والثقافية، والاجتماعية..، التي لم يستطع جلها أن يخرج إلى أرض الواقع، ولتظل هذه المشاريع المجهضة مغلفة بعدد من العراقيل، والمشاكل التي كان بالإمكان تجنبها، لو رافق الإعداد لهذه المشاريع تخطيط جدي، ودراسة الجدوى بشكل سليم يراعي خصوصياتها، سواء من حيث الموقع الذي اختير لاحتضانها، أو في ما يتعلق بالغلاف المالي الإجمالي، الذي سيكلفه كل مشروع على حدة، عوض وضع أرقام تقديرية كان لها الدور الأساسي في توقف أشغال عدد من المرافق.
كيف يمكن أن ينتهي حلم مشاريع ثقافية، ورياضية، واجتماعية إلى هذه الوضعية الكارثية..؟ ولماذا تحولت العديد من المشاريع الكبيرة إلى مجرد أطلال تتآكل جنباتها، وتحولت إلى مجرد بنايات يلفها الإهمال، وأضحى بالإمكان أن تصنف ضمن المآثر التاريخية..؟ فكيف تبخرت أحلام سكان مدينة تاونات..؟ فأغلب المشاريع الاجتماعية والثقافية والترفيهية طواها النسيان، ولم تستطع بهرجة تدشينها من طرف العمال أن ترسم عليها طابع الجدية، فتحولت وفي رمشة عين إلى مشاريع مع وقف التنفيذ.
مشروع بناء دار الثقافة بمدينة تاونات مرفق ثقافي عمومي، رصد له غلاف مالي إجمالي يقدر ب 12 مليون درهم والذي رصدت الوزارة مبلغا ماليا إضافيا لإتمام أشغال إنجازه يقدر ب 7 ملايين درهم ، هذا المشروع يتكون من مسرح تبلغ طاقته الاستيعابية 560 مقعدا وخزانة تستوعب 150 مقعدا وقاعتين للاجتماعات وقاعتين للتكوين وورشات ورواق للفنون التشكيلية و4 غرف لإقامة الفنانين، الذي كان الرهان عليه كبيرا للنهوض بالفعل الثقافي وتنمية الحس الفني بالمدينة لكنه ظل مقفلا منذ سنوات.
في هذا الصدد وجه المستشار البرلماني الأستاذ خالد السطي بمجلس المستشارين سؤالا كتابيا إلى محمد المهدي بنسعيد وزير الشباب والثقافة والتواصل حول مشروع بناء دار الثقافة بمدينة تاونات.
وقال المستشار السطي في سؤاله :”سبق لوزارتكم أن برمجت مشروع بناء دار الثقافة بمدينة تاونات رصدت له غلافا ماليا إجماليا قدر ب 19 مليون درهم يتكون من مسرح تبلغ طاقته الاستيعابية 560 مقعدا وخزانة تستوعب 150 مقعدا وقاعتين للاجتماعات وقاعتين للتكوين وورشات ورواق للفنون التشكيلية و4 غرف لإقامة الفنانين”.
وأضاف قائلا: “لكن المشروع تأخر موعد افتتاحه وفق دفتر التحملات لأسباب غير معلنة مما حرم أبناء وبنات تاونات من دار للثقافة على غرار مدن وأقاليم أخرى”.
وختم البرلماني خالد السطي سؤاله للوزير :” عن موعد افتتاح دار الثقافة بتاونات والاجراءات التي تعتزم الوزارة اتخاذها لإحداث مندوبية إقليمية للثقافة والتواصل بتاونات”.
وجوابا على سؤال السطي قال وزير الشباب والثقافة والتواصل:” جوابا على سؤالكم المذكور أعلاه، أخبركم أن أشغال بناء دار الثقافة بتاونات قد انتهت حسب الصفقة الأخيرة رقم 2016/5 والمتعلقة بإنهاء أشغال البناء بهذه المؤسسة، وتم التسليم النهائي بتاريخ 07 يناير 2021″.
وأضاف قائلا “هذا، وبعد اجتماع لجنة مكونة من ممثلين عن الوزارة على الصعيد المركزي والجهوي والإقليمي، ارتأت هذه اللجنة تعيين مكتب للدارسات للإشراف على إعداد وتتبع صفقة التهيئة الخارجية التي كانت الجماعة الحضرية لتاونات قد وعدت بإنجازها، ثم تخلت عن وعدها بحجة عدم توفرها على الاعتمادات”
وأشار الوزير “وفي انتظار انتهاء مكتب الدراسات من إعداد دفتر التحملات، فإن المديرية الجهوية للثقافة بفاس مكناس بصدد التحضير للإعلان عن صفقتي التجهيزات التقنية، و التهيئة الخارجية، وكذا صفقة التجهيزات المكتبية، وذلك في أقرب الآجال”.
بهذ المشروع المذكور المتعثر، والأخرى غير المذكورة، تعيش مدينة تاونات حالة من الانسداد والفوضى انعكست سلبا على الوضع التنموي، مع تسجيل غياب وتأخير كبير في مختلف المشاريع والبرامج الاستثمارية الكبرى التي ستمكن من حل أزمة البطالة بالمدينة، ، وهو ما جعل الساكنة المحلية توجه أصابع الاتهام إلى المسؤولين المنتخبين الذين يتحملون المسؤولية بسبب فشلهم في تدبير أمور المدينة بالشكل الصحيح، وإلى السلطات الإدارية لكون بعض مصالحها تضع العصا في عجلة التنمية المحلية.