غلاء الأسعار يرفع أنين الفقراء ويضيِّق عليهم الحياة و ينذر بانفجار وشيك

الحقيقة 246 أبريل 2023
غلاء الأسعار يرفع أنين الفقراء ويضيِّق عليهم الحياة و ينذر بانفجار وشيك

عادل عزيزي

يختلف مشهد التسوق لشهر رمضان المبارك هذا العام عن الأعوام الماضية، فالجولة في أسواق الخضار الشعبية، التي غالبا ما كانت ملاذ الفقراء لشراء ما يلزمهم من حاجيات الشهر الفضيل بأسعار تُناسب ميزانياتهم، باتت مكانا يُسبب الوجوم على وجوه المرتفقين بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار الخضار واللحوم و السمك و جميع المواد الأساسية، التي باتت أشبه بأسعار المجوهرات .


“اشنو وقع في الدنيا، واش مبقاتش الرحمة راحنا كنموتو بالجوع..” كلمات قالتها أم مريم كأنما تشتكي حالها إلى الله بعد أن اتخذت من حجرا داخل السوق مقعداً تلقى عليه جسدها المتهالك بعد عذاب ساعتين من اللف والدوران أمام الباعة الذين عرضوا بضائعهم بأسعار “فيه العافية” على حد وصفها.
في الوقت الذى كادت دموع أحمد تغرق وجهه، وهو يراجع مصروف الشهر، ويحسب ما بقي من راتبه الهزيل، كانت زوجته تنتظره في البيت لسداد أقساط الكراء وإلا طردوا من المنزل.


أما الحاج محمد فهو عسكري متقاعد تجاوز الستين من عمره لكن مازال في رقبته أربعة أبناء أكبرهم لم يحصل على شهادة الباكالوريا بعد، فيما انهار دخله إلى أقل من النصف!


والسيدة “فاطمة” تجاوزت آلام قلبها الذي يحتاج الى جراحة تعينها على الصمود بعد أن تجاوزت آلام جوع صغارها فخرجت تبحث عن رزقها، ولكن الغلاء كان عليها أشرس من المرض.


أما حكاية الأرملة يامنة فهي الأكثر بؤساً بعد أن مات زوجها و ترك لها خمسة أطفال و تكالبت عليها مشاكل الحياة فأجبرها “الحمل الثقيل” على “مد اليد” لتنضم الى صفوف المتسولين الجدد..


حكايات وحكايات من دفتر أوجاع الغلبة في زمن الغلاء الفاحش والجشع المسعور وضياع المسؤولية عن وصول الحال إلى ما آلت اليه أحوال المغاربة الذين ازدادوا فقراً ومرضاً وجوعاً.
البسطاء أو “البؤساء” حسب تعبير فيتكور هيكو هم دائماً الضحايا وهم دائماً ما يدفعون الثمن، هم من يسددون فاتورة الفساد والاحتكار ودعاوى الإصلاح، على المواطنين أن يظلوا دائما “الحيط القصير” الذي تقع عليهم كل مصائب الحكومات المتعاقبة.


وبعيدا عن الاحصاءات والأرقام الرسمية وغير الرسمية التي تؤكد ارتفاع أعداد من يصرخون تحت خط الفقر وانضمام فقراء جدد الى الفقراء التقليديين الذين علمناهم في ازقة الشوارع والقبور، فإن حكايات اصحاب القضية وتفاصيل معاناتهم الحياتية في تدبير احتياجاتهم الأساسية يومياً تظل دائماً هي بطل القضية المزمنة في قلب هذا الوطن والتي توجست في الشهور القليلة الماضية مع تنامى “سعار الأسعار”.
حين تصمُّ الآذانُ عن آهات الفقراء، وعندما نستلُّ خيطاً من خيوطِ هذا الواقع المرير، تنفجرُ أصواتُ بكائهم، وتختنقُ الأسقفُ بصدى أنينهم، تنامُ على أحزانهم السّماء، وينغمسُ الوجعُ في أجسادهم المنهكة تغطّي الأرضُ أنينهم بأطرافِ ردائها، في حين أنّ الباقين يعيشون الحياة كما هيَ منعّمةً ومزخرفةً بألوان الجمالْ.
هكذا هم الفقراء، يموتون إما من الألم أو من القهر دون أن يلتفت أحد لأنينهم، ودون أن تملأ بيوت عزائهم بالمعزين إلا من أقاربهم ومن يماثلونهم بالفقر والقهر.

Breaking News