عادل عزيزي
نظم العشرات من سكان دوار أولاد اخريف و دوار السويطيين التابعين لجماعة عين معطوف، صباح أمس الثلاثاء 25 أبريل الجاري ، وقفة احتجاجية أمام مقر عمالة تاونات، لمطالبة السلطات الإقليمية بالتدخل العاجل لتوفير الماء الشروب الذي حرمت منه الساكنة، نتيجة غياب الإرادة الحقيقية لدى المجلس الجماعي لجماعة عين معطوف الذي يسيره الملياردير البرلماني الحاج بوشتى بوصوف، لإنهاء أزمة الماء التي تجتاح عددا من دواوير الجماعة على حد تعبير أحد المحتجين.
هذا وردد المحتجون شعارات منددة بتخلي المجلس الجماعي بالتزاماته للساكنة في تعزيز خدمات القرب وتجويدها، خاصة أن أعضاء المجلس بأغلبيته ومعارضته، سبق لهم أن قدموا وعودا انتخابية للساكنة لربط مساكنهم بالماء الشروب والطرق، دون أي أثر لهذه الوعود التي لا زالت في غياهب الانتظار يقول نفس المحتجون.
وقال المحتجون، في تصريح لجريدة “الحقيقة 24” الإلكترونية، إنهم محرومين من الماء الصالح للشرب “منذ سنوات”، مضيفين أن “الوقفة المنظمة اليوم أمام مقر العمالة جاءت بعد استنفاد كل السبل مع المسؤولين المحليين”.
وأكد هؤلاء أنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لخوض هذه الوقفة السلمية أمام العمالة “تنديدا واستنكارا بالتلاعبات التي شابت مطلبنا المتعلق بالماء الصالح للشرب”، وناشدوا عامل الإقليم “التدخل قصد تزويدهم بالماء الشروب، وفتح تحقيق في الأسباب التي حالت دون ذلك حتى الآن”، وفق تعبيرهم.
هذا وقد تم فتح حوار بين مسؤولو الإقليم ممثلا في السيد الكاتب العام للعمالة و السيد قائد قيادة هوارة والساكنة المحتجة، لإيجاد حل لهذا المشكل الذي بات يهدد دواوير أخرى إن لم يتم الإسراع بمد قنوات الماء الصالح للشرب لهذه الدواوير .
ووجه المحتجون، باسم الساكنة المحرومة من الماء الصالح للشرب، نداء إلى عاهل البلاد من أجل “إعطاء تعليماته السامية إلى المسؤولين المعنيين للتدخل وانتشال الساكنة من معاناتها مع غياب الماء الشروب”، مشيرين إلى أن “الوضع يزداد سوء يوما بعد يوم”.
و تجدر الإشارة، فإن إقليم تاونات يتموقع على رأس الأقاليم والمدن التي حباها الله بثروات مائية هائلة جعلت مخزونها من المياه العذبة يفوق لوحده المخزون الإجمالي لدولة مجاورة كالجزائر إلا أن المعطيات التي تفرزها الأرقام يقابلها واقع سوداوي لساكنة تعيش لسنوات كابوسا يوميا مع شبح العطش الذي يتهدد حياة مئات الأسر القاطنة بالدواوير المتاخمة للإقليم .
إقليم تاونات يتوفر على خزان مائي ضخم، وعلى عدد مهم من السدود الكبرى، سد الوحدة وسد إدريس الأول وأسفالو وسد الساهلة وسد بوهودة أي ما يفوق 5.5 مليار متر مكعب من الماء، هذا و سيعزز قريبا بإنجاز سدين كبيرين، الأول على واد أولاي بتراب جماعة الرتبة بحجم عادي يصل إلى 1009 مليون متر مكعب، والثاني بمنطقة عين معطوف بحجم عادي يقارب 200 مليون متر مكعب، دون الحديث عن البحيرات التلية.
اليوم ساكنة معظم دواوير إقليم تاونات، تعيش جحيما يوميا في رحلات جلب الماء قد تمتد لساعات، وصراعا يوميا فيما بينها حول مناوبات ملئ لترات من الماء تروي ظمأهم، وما يخلف ذلك من احتقان في نفوس الكثيرين، تعيش بمحاذاة أكبر خزان مائي في المغرب.
تقدر ساكنة إقليم تاونات بحسب اخر إحصاء الأخير بحوالي 668 ألف نسمة، موزعة على 49 جماعة، بمساحة تفوق 5585 كيلومتر مربع، و 1600 دوار.
هذه الجماعات، وعلى رأسها جماعة عين معطوف تكابد ساكنتها ويلات العطش في ظل ارتفاع موجة الحرارة، لتنضاف لمعاناة أخرى مع الجوع و الفقر والتهميش وغياب شروط وظروف العيش الكريم.
ساكنة دواوير عين معطوف كان واقعها المعيشي ليكون أفضل لولا تواطؤ جهات وأشخاص بعينهم في إقبار مشروع “باجير” الذي جري تهيئته لتزويد الساكنة بالماء الشروب قبل أن يتبخر بقدرة قادر في الهواء.
وفي علاقة بالموضوع حصلت ” الحقيقة 24″ على وثائق رسمية للمشروع الذي كان شراكة بين وزارة التجهيز وجماعة عين معطوف وجمعية المستعملين، بغلاف مالي قدره 8659918.85 درهم، مقسمة على الشكل التالي: مساهمة وزارة التجهيز 6927935.08 درهم، مساهمة جماعة عين معطوف 1298987.83 درهم، جمعية المستعملين 432995.94 درهم، لكن لا يعلم لحد الساعة أين ذهبت تلك الأموال؟.
المشروع كان مبرمجا ضمن البرنامج الوطني لتزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب تمت المصادقة عليه سنة 2001 من طرف عامل إقليم تاونات أنداك السيد محمد امغوز، ورصد له غلاف مالي قدره 8659918.85 درهم وهو ما جعل الساكنة آنذاك تستبشر خيرا بقرب نهاية أزمة العطش التي تثقل كاهلها.
مشروع “باجير” الذي كان من المفروض أن يزود 18 دوارا بالماء الصالح للشرب انطلقت أشغاله بتهيئة قنوات الربط وبناء بناء صهاريج و سقايات لم يدم عطاءها سوى بضعة أشهر قبل أن تتوقف عن تزويد الساكنة بالمياه منذ ذلك الحين إلى حدود كتابة هذه الأسطر.
ورغم اختفاء المشروع الذي انطلقت به الأشغال الأولية قبل ازيد عشرين سنة دون أن يرى النور إلا أن السلطات الإقليمية لم تفتح تحقيقا في القضية لحدود الساعة ولم تعطي تفسيرا يشفي غليلا للساكنة بخصوص سبب إقبار حلم راودهم لسنوات.
إقبار مشروع الربط المائي لدواوير جماعة عين معطوف انطلاقا من حقينه سدود المنطقة واختفاء الأموال العمومية التي كانت مرصودة لإعداده يضع الأطراف الموقعة على المحاضر ووثائق التهيئة في قفص الاتهام، لاسيما وأن مبلغا ضخما كهذا كان بإمكانه أن يحدث نقلة نوعية في عيش ساكنة المنطقة المحرومة من حقها في التزود بالماء الشروب .