عادل عزيزي
من كل سنة و مع اقتراب فصل الصيف، حيث يكثر الطلب على الماء، يعود الجدل من جديد لأزمة العطش والتي تخرج كل صيف سكان المناطق النائية بتاونات إلى الشارع للاحتجاج على ندرة مياه الشرب رغم أن الإقليم عائم بين بحيرات سدوده، و حاملا فوق ترابه أكثر من 5 ملايير من الأمتار المكعبة من المياه السطحية العذبة، على طول طريق متآكل تعتريه التشققات تصادف أطفالا بعمر الزهور يركبون الحمير و البغال ويسارعون الخطى في سباق مع الزمن لعلهم يظفرون بلترات من الماء يروي عطشهم.
هذه السنة ربما ستكون استثنائية، حيث بدأت رقعة الاحتجاجات ضد أزمة العطش التي يشهدها الإقليم تتسع، فبعد خروج ساكنة دواوير بجماعة عين معطوف الثلاثاء الماضي في وقفة احتجاجية امام مقر عمالة تاونات للمطالبة بتوفير الماء الشروب، عم الغضب اليوم الجمعة 28 أبريل الجاري ساكنة دوار ايرملود العليا و السفلى التابع لجماعة سيدي المخفي و نظم وقفة احتجاجية امام مقر الجماعة للمطالبة بربط وتزويد الدوار بالماء الصالح للشرب.
“ماء = الحياة”، “العطش = الهجرة – الموت – الفقر” ، كانت تلك من بين الشعارات التي رفعت على لوحات ورقية للساكنة، مواطنون، غادروا بيوتاتهم صباح الجمعة، لينتظموا في وقفة احتجاجية أمام مقر الجماعة، للتأكيد على أنه قد طفح بهم الكيل، ولم يعد في القلوب متسع للتحمل والاحتمال.
تعددت المشاكل والإكراهات، وتوحدت المعاناة والآلام، في ظل واقع أجمع الكل على أنه لا يستقيم وشروط العيش الكريم، ولا ينسجم ومتطلبات الحياة اليومية، إن على مستوى ندرة مياه الشرب، في ظل تعثر مشاريع ربط منازل الساكنة بالماء الصالح للشرب.
ظلت جماعة سيدي المخفي التي تصنف في خانة أفقر الجماعات في الإقليم، تعاني من صفوف التهميش في غياب مشاريع تنموية هادفة، مع توالي بعض المسؤولين الذين تربعوا على كراسي المسؤولية بالجماعة، والذين ظلوا أسرى صراعات صغيرة وحسابات ضيقة، لم يكن لها أن تنتج سوى المزيد من مظاهر التخلف والخصاص.
و كما يقال “صائب قوم عند قوم فوائد” فقد صادقت حكومة الكفاءات على مشروع نقل المياه من حوض سبو الذي يتوفر على وفرة إلى حوض أبي رقراق، الذي من خلاله سوف تتم تلبية الطلب على مستوى الرباط والدار البيضاء وفي شطر آخر مراكش، و الذي سبقه ايضا مشروع تزويد مدينتي فاس ومكناس والمراكز المجاورة بالماء الشروب انطلاقا من مياه سد إدريس الأول، في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (PNAEPI) 2020-2027. لتبقى ساكنة تاونات تموت بالعطش.
جدير بالذكر، قد أطلق الملك محمد السادس خلال زيارته للإقليم تاونات سنة 2010 مشروعا كبيرا لتزويد العديد من الدواوير بدائرة غفساي والقرية بالماء الصالح للشرب انطلاقا من سد الوحدة بكلفة إجمالية 280 مليون درهم، غير أن المشروع يعرف بطئا في الانجاز، غير أنه بعد مرور أزيد من 13 سنة على إعطاء انطلاقة المشروع الملكي لا يزال المشروع يراوح مكانه.
و للتذكير كذلك، تم تخصيص غلاف مالي يناهز 1.6 مليار درهم في إطار استراتيجية المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب في مجال التخطيط وتأمين التزويد بالماء الصالح للشرب، وتعميم الولوج للماء الصالح للشرب بالنسبة لساكنة العالم القروي بإقليم تاونات بين 2017 -2019، ويتعلق الأمر ب 520 مليون درهم لتزويد الوسط الحضري بالماء الصالح للشرب، و 990 مليون درهم للعالم القروي ، بحسب المديرية الجهوية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الماء).
و تخصيص في إطار برنامج محاربة الفوارق الاجتماعية والترابية بالوسط القروي، غلاف مالي يصل إلى 830 مليون درهم لتعميم توزيع الماء الشروب لفائدة 367 دواراً تابعا ل 15 جماعة على صعيد إقليم تاونات في الفترة الممتدة بين 2017 و 2022، لكن كل ذلك كان على الورق فقط، و لا زالت الساكنة تعاني شبح العطش.