عادل عزيزي
بأية حال عدت يا أضحى .. هذا هو لسان حال كل مواطن متوسط الدخل وهو يستعد لاقتناء أضحية العيد أمام جشع عدد كبير من الكسابة ومن خلفهم عدد من الشناقة الذين يضاربون في الأسعار ووسطاء السوء والغبن.. الكل يتهافت في أمر دبر بليل لإسقاط ذلك المواطن متوسط الدخل أرضا وإفراغ ما في جيبه بالسعر الذي يرغبون فيه في غياب أي وازع من الضمير الإنساني ومن لجان مراقبة حازمة تحمي المستهلك من هذا الجشع السنوي لهؤلاء الكسابة ومن يدور في فلكهم، لحظات التربص بكل قادم نحوهم من أجل تنفيذ أمر شرعه الله ورسوله ومن أجل إسعاد زوجته وأبنائه وذويه في هذه المناسبة الحولية السعيدة عند كل مسلم ومسلمة في كل بقاع المعمورة.
ليس من عادة المغربي الزائر لأسواق بيع أضحية العيد من أجل اقتناء الأضحية، أن يعود خائباً، وخاوي الوفاض دون أن يجر كبشه أو يضعه في إحدى العربات لينقله إلى بيته.
لكن المشهد في أسوق “إقليم تاونات” للماشية، هذا العام كان مختلفاً، إذ قابلنا عدداً من المواطنين، وهم يعودون أدراجهم وعلامات الخيبة تعلو محياهم.
من بين هؤلاء كان عبد السلام وزوجته، اللذان لم يتمكنا من شراء أضحية العيد هذه السنة لضعف قدرتهما الشرائية بسبب ارتفاع الأسعار الذي يشهده المغرب.
في حديثه لـ”الحقيقة 24″، يتساءل عبد السلام: “أين هي الأضحية التي يمكننا شراؤها بـ800 درهم كما تدعي الحكومة؟”.
هنا يشير المتحدث إلى تصريح لوزير الفلاحة، محمد صديقي، خلال ندوة صحافية عقب اجتماع مجلس حكومي شهر يونيو ، أكد فيه أن “السوق لا يوجد فيه أضاحٍ بـ5000 درهم ، بل توجد أيضاً أضاحٍ بـ800 درهم و1000 درهم.
ويعلق عبد السلام، على كلام الوزير قائلاً: “هذا كلام للاستهلاك في قنواتنا الوطنية، التي لا تتوانى عن نقل صورة أخرى لما يعيشه المواطن البسيط مثلي من أزمات تفوق قدرته الشرائية”.
“في القنوات فقط نجد أضاحي رخيصة الثمن وفي متناول البسطاء مثلي”، يضيف عبد السلام بنبرة ساخرة، مشدداً على أنه يشتغل عاملاً بسيطاً، ولن يستطيع أن يوفر ثمن الأضحية، إضافة إلى مصاريف البيت.
التذمر يسود العائلات والأسر من الأسعار الفلكية التي ميزت أضاحي هذه السنة، مما جعل حركة البيع والشراء تبدو ضعيفة وإقبال المواطنين ما يزال محتشما ومنحصرا في حدود جس النبض، هذه الأسعار الصاروخية وهذا الغلاء الفاحش في أسعار الماشية، تصادف وعدم قدرة الكثير من المواطنين، خاصة منهم الفئات الاجتماعية المحدودة و المتوسطة الدخل والفقراء والمعوزين، على اقتنائها، في الوقت الذي ما زالت فيه معظم هذه العائلات لم تتخلص بعد من احتقان وتبعات قروض الأعياد السابقة ومن الأعباء المادية لمختلف المناسبات الماضية، ومنها العطلة الصيفية وشهر رمضان المبارك وعيد الفطر الكريم وكذلك شبح الدخول المدرسي.
تعددت الأسباب والغلاء واحد في ظل هذا الارتفاع غير مسبوق في الأسعار، فنفس سيناريوهات أسباب الغلاء تتكرر كل سنة، من “شناقة” وسماسرة في بيع المواشي الى مشكل المتطفلين عن المهنة، وغلاء الأعلاف، وكلها مبررات لا يريد المواطن البسيط الخوض فيها ومعرفتها، باعتبار أن اهتمامه منصب فقط حول سعر الأضحية.
يبدو أن رحلة الكثير من أرباب الأسر المغربية في البحث عن أضحية العيد بثمن مناسب باتت شاقة خلال هذه السنة، إذ تواصل الأسعار تحليقها عاليا في الأسواق التي لا حديث فيها إلا عن الغلاء وارتفاع الأسعار غير المسبوق ؛ الأمر الذي يشكل ضغطا مضاعفا على الأسر.
فإلى متى سيبقى ارتفاع أسعار المواشي واقعاً حقيقياً مسلطا على العائلات والأسر المغربية؟