مع اقتراب عيد الأضحى، ترى عدة مهن موسمية صغيرة النور تجتاح أحياء مدينة فاس وتفضي إلى دينامية اقتصادية وأجواء استثنائية على هذه المناسبة الدينية .
وبالرغم من الحرارة المفرطة التي تعرفها العاصمة العلمية فاس ، فقد أثث الشباب شاحذو السكاكين بأدوات تقليدية، وبائعو الفحم، والأواني الموجهة للعيد.. مداخل وجنبات الأحياء، مقترحين على زبائنهم منتوجات متنوعة، لاسيما تلك التي تعرف إقبالا كبيرا خلال عيد الأضحى. فبمونفلوري، ييمم الرجال والنساء وجوههم شطر هذه المحلات باحثين عن ضالتهم غير بعيد عن سكناهم. حركية دؤوبة تصاحب “العيد الكبير” وتفرز عوائد موسمية على الشباب الذين يمتهنون هذه المهن الموسمية.
ذلك هو حال عبد الإله الروخو ، الذي تحول إلى بائع فحم، حيث قال إن “عيد الأضحى يشكل أيضا مناسبة اقتصادية من أجل التعاطي لتجارة صغيرة في منتوجات ترتبط بطقوس العيد، والتي أنتهزها لكسب بعض المال وتحقيق رقم معاملات ولو محدد زمنيا”. وبعدما أبرز الإقبال على منتوجاته مع اقتراب يوم العيد، عبر عن فخره بالإقدام على تجارة القرب هذه والتي تبهج ساكنة الحي.
غير بعيد عنه، يشحذ محمد ذو 30 سنة، سكين زبون له. يبرع هذا الأخير في ذلك، موضحا “منذ بضع سنوات، وأنا أمارس هذه المهنة خلال عطلة عيد الأضحى، من أجل كسب بعض النقود، لتلبية حاجياتي ومساعدة عائلتي”. هذا الشاب الذي يكشف أن سعر خدماته رهين بسخاء الزبون، يشير إلى أن هذه المهنة التقليدية لها سحر خاص بمناسبة عيد الأضحى وهي جزء من تراثنا اللامادي، حتى لو كانت في طور الاندثار.
أما حسن البالغ من العمر 27 سنة فيعرض بضاعته وهو يصيح بأعلى صوته من أجل إثارة انتباه المارة ودعوتهم إلى اكتشافها، موضحا أنه “في كل مناسبة أعمل على إقامة مشروع صغير لايستوجب البتة رأسمالا كبيرا. وبمناسبة عيد الأضحى، أعمل بتؤدة على جعل الثمن نظيرا للجودة بالرغم من ارتفاع أسعار بعض المنتوجات”. وأبدى ارتياحه بعدما باع بضاعة لزبونة، معبرا عن سعادته قائلا “يزداد الإقبال على الأواني واللاوازم المرتبطة بهذا العيد السعيد الذي سنحتفل به بعد غد الخميس”.
وإضافة إلى شاحذي السكاكين، وبائعي مختلف الأواني والإكسسوارات المتصلة بالعيد، ترى مهن أخرى النور بالأحياء، لاسيما الشعبية، من قبيل مسيري المرائب و”الحظائر” المؤقتة للخرفان، وسائقي العربات ثلاثية العجلات، والتي بقدر ما يدفع بها الشباب عطالتهم، تستحسنها الساكنة التي تستفيد من خدمة للقرب بسعر معقول.
وإذا كانت هذه المهن تؤثث الفضاء العام خلال الأيام التي تستبق هذه الشعيرة وتفضي إلى جو استثنائي، فإنها في المقابل تنطوي أيضا على إشكالات تتصل أساسا بغياب النظافة الذي تخل برونق الأحياء وإطار عيش الساكنة، التي تشتكي سنويا من التلوث السمعي، والروائح والنفايات التي تتكدس بالشارع العام.
ومن أجل التصدي لهذه الوضعية، تعمل السلطات العمومية على توزيع أكياس مخصصة لجمع النفايات والمخلفات، مع تنظيم حملات تحسيسية حول النظافة، قبيل وبعيد عيد الأضحى.