منتجع أسفالو، بين حلم الشباب و ارتجالية مدبري الشأن المحلي بمنطقة تاونات

الحقيقة 2424 يوليو 2023
منتجع أسفالو، بين حلم الشباب و ارتجالية مدبري الشأن المحلي بمنطقة تاونات

عادل عزيزي

ليس سحر ما يطبع الصورة أعلاه جزء من سويسرا ولا غيرها من مواقع بلاد العالم التي ملأت اهتمامات عشاق الطبيعة هنا وهناك بحكم الدعاية، بل سحر وسر وروعة ما تحتويه الصورة أعلاه هو جانب من عظمة موقع وجبل وتحف طبيعة متفردة توجد بالمغرب العميق، إنه “منتجع أسفالو” المتواجد بجماعة تمضيت بإقليم تاونات ، واذا كانت تجليات تراث الإقليم الطبيعي واسعة ومتعددة الأوجه على أطرافه الأربعة، لِما هناك من ملمح مورفولوجي وبناءٍ جيولوجي ومن ثمة مناظر ومكامن تراب، فإن أهم مشهد وشاهد تراثي على مستوى واجهة تاونات الجبلية ، هناك منتزه أسفالو بأثاثه الايكولوجي البيولوجي الفسيفسائي، ومن خلاله كوسط طبيعي.


منتجع جبلي بوقع وجذب رافعٍ لسياحة جبلية لِما هو عليه من موقع جامع لأشكال منظر وامتداد، كذا ما هو كائن به من تنوع فصائل نبات، فضلاً عن وعاء ثروة وحيش ضامن لتوازن نظام ومنظومةِ بيئةٍ محلية، تجعل المنطقة وموقع منتجع أسفالو واحداً من أروع وأجمل وجهات النزهة ليس فقط على صعيد تاونات بل بالمغرب ككل.


هو امتداد لمجاله الطبيعي ذو أبعاد سوسيوثقافية ذات صلة بوسط قروي جبلي ودواوير مجاورة بأنماط عيش، مع خاصية ساكنة بتاريخ وأعراف وتقاليد وذاكرة تعني وجوداً وقدماً وامتداداً وتفاعلاً.


في الآونة الأخيرة بدا يعرف تدفقا كبيرا للزوار، من الإقليم وخارجه؛ هربا من موجات حر الصيف وبحثا عن ملاذ للسياحة والاستجمام الذي توفره هذه المنطقة الجبلية المغمورة، التي تتميز بمياهها الصافية والباردة المنبعثة من بين الصخور، مشكلة بحيرة خلابة، يفيض ماؤها في مجرى واد أسفالو.


يتيح هذا المنتجع، الذي يعلوه سور سد أسفالو، للزوار القيام بجولة داخل البحيرة المائية على متن قوارب الكاياك، كما يمنحهم فرصة ممارسة هواية السباحة في مياهه الباردة، والاستمتاع بالمناظر الخلابة لهذه المنطقة التي تحيط بها الجبال والغابات من كل جهة، إنه فضاء سياحي غير مجهز و غير محروس لكنه يستقطب المئات من الزوار الفارين من لهيب حرارة الصيف و الباحثين عن متنفس في ظل انعدام فضاءات الترفيه العمومية.


مؤخرا قام بعض أبناء الجماعة ببناء بعض الأكواخ من القصب للكراء، لكن يوم الجمعة 20 يوليوز قامت السلطات المحلية بهدم تلك الاكواخ و إخلاء المكان منها نهائيا..
لا ننكر أن بناء تلك الأكواخ قد اتسم بالفوضى، و أن الكثير منها تم بناؤها على بعد متر أو مترين من مجرى الواد، مما ضيق الممرات، و أن بعضها قد يكون اتخذ لتناول المخدرات بنوعيه السائل والصلب، و لا ننكر أن الأودية تخطف منا سنويا شبابا من أبناء الإقليم، لكن العشرات من وديان المغرب أقيمت بها متنزهات و فضاءات للاستجمام : أقشور، أم الربيع، شلالات أوزود، اوريكا..


تساؤلات ومطالب ستبقى معلقة ، لماذا يتم دائما اللجوء الى اسهل الخيارات، و هو الهدم؟، لماذا لم تتدخل السلطات و الجماعة الترابية في تنظيم الفضاء و تحديد مكان و عدد الأكواخ لكل شاب من أبناء المنطقة؟، لماذا لم يتم تخصيص دوريات للدرك الملكي و القوات المساعدة للحفاظ على النظام و الأمن بالمكان، لماذا الركون الى الجمود عوض الاجتهاد و الاستثمار..؟!
بل لماذا لم يتم إحداث مندوبية إقليمية للسياحة…؟ لماذا لم يتم إحداث المجلس الإقليمي للسياحة…؟ لماذا لم يتم إرساء مخطط عمل عام لإنعاش وترويج المنتجات السياحية المحلية…؟، ما معنى شعار «رؤية 2020» وبماذا ساهمت هذه الرؤية لفائدة هذا الإقليم…؟ وغيرها كثير من التساؤلات التي بقيت عالقة إلى أن تعترف مراكز القرار بهذه الإقليم وتعطيه حقه من الاهتمام.


إنها أسئلة تخالج في صدر كل مواطن تاوناتي، بل إنها رسالة لإعادة الاعتبار لهذا الاقليم الجبلي الذي استشرى فيه التهميش والفقر والأمية جنبا إلى جنب، إقليم لم يجن إلا المآسي وخيبات الأمل والنكسات من سياسة المجالس المتعاقبة.

Breaking News