السياحة الجبلية بإقليم تاونات: ثروة سياحية هائلة و قطاع واعد بحاجة الى التفاتة للسلطات العمومية والمنتخبين

الحقيقة 2425 يوليو 2023
السياحة الجبلية بإقليم تاونات: ثروة سياحية هائلة و قطاع واعد بحاجة الى التفاتة للسلطات العمومية والمنتخبين

عادل عزيزي

موقع جغرافي متميز، مآثر تاريخية تحكي أمجاد الماضي، بارزة كشعلة تنمو بالروح والوجدان والمعرفة، على بساط أخضر صنعته طبيعة خلابة وثروات نباتية ومائية وحيوانية وسمكية، ومن تنوع في التضاريس والمناخ، ومآثر تاريخية ومواسم دينية و فنون شعبية فولكلورية، وصناعة تقليدية وحرف ومهارات متنوعة ومجالات لصيد وقنص الحيوانات والطيور البرية، وجبال وغابات وخيول ومحميات ومنابع وبحيرات ساحرة، وغيرها من الفضاءات ذات حمولة ثقافية أصيلة وموروث إيكولوجي متميز، وذات طابع اكتشافي في أعماق الطبيعة وبين الأودية، ولا يمكن لأي زائر للمنطقة ألا تأخذه الرغبة في الانضمام لهواة ومحترفي القنص البري، حيث الوحش والطيور المتنوعة.

فهذا منتجع بوعادل حيث المياه العذبة، وقلعة امركو التي تحكي في صمت ذكريات و تاريخ المرابطين، و غابات الودكة و إفران حيث غطاء غابوي خصب و متنوع، و سدود و بحيرات تلية ومهرجانات، الفروسية بتيسة و السنوسية بقري ابامحمد، و المهرجان الوطني للتين و المهرجان الوطني لفنون العيطة الجبلـية و مواسم دينية، موسم مولاي بوشتى الخمار ومولاي العربي الدرقاوي و سيدي امحمد بلحسن و سيدي بوزيد، كلها مؤهلات تجعل من إقليم تاونات واحدا من أهم وجهات السياحة الجبلية الإيكولوجية على الصعيد الوطني، قطاع أضحى يستقطب عشاقا كثيرين ومستثمرين يقبلون بشكل متزايد على هذا النوع من المشاريع.


بناء على كل هذا وذاك من تجليات مجال إقليم تاونات الجبلي، يجعل كل مهتم متتبع وباحث يطرح سؤال سر تخلف وعدم تطوير وتفعيل قطاع السياحة الجبلية القروية بهذه الربوع، عبر ما ينبغي من ذكاء تدبيري ترابي وحسن مقاربة رافعة للتنمية المحلية، على مستوى عقلنة استثمار ما توفره الطبيعة للسياحة محليا من مؤهلات ضخمة داعمة لِما هناك من تنوع على صعيد جهة الانتماء الإداري.


وعليه، يحق السؤال حول أين اختفت برامج ووعود وقراءات ما عقد هنا وهناك من أيام دراسية وعروض تشخيصية، على صعيد مرافق عمومية عديدة؛ منها عمالة إقليم تاونات التي احتضنت عشرات اللقاءات التي استحضرت وتدارست شأن الإقليم السياحي وسبل إقلاعه، وقد أطر تلك اللقاءات، على امتداد عقود وإلى عهد قريب، عدد من المسؤولين؛ بمن فيهم معنيون بتدبير قطاع السياحة في بعده الجهوي.


وكم طرحت على إثر هذه المواعيد من أفكار وأحلام ونقاشات، وكم كتبت الصحافة المحلية والوطنية حولها.. كل شيء يبدو أنه تبخر مع الزمن، ولم يتحول أي شيء إلى إنجازات على أرض الواقع، ومن هنا، ما طغى على هذا القطاع من خطابات ووصف وتشخيص لا غير، جعله في شقه الطبيعي الجبلي بإيقاع لم يتحرك قيد أنملة رغم حجم الكلفة ومساحة الحديث الذي أحيط به منذ عقود، كل هذا وذاك من الخطابات الموسمية لم تكن بأي أثر في بلورة خطوات أولية لإنعاش نماء سياحي جبلي حقيقي.. وعلى امتداد عقود من القيل والقال حول هذا الورش محليا لم يلتقط المجلس الجهوي للسياحة ما ينبغي من إشارات، ولم يقدم من موقعه أي شيء لفائدة عرض سياحي تنافسي رافع للاقتصاد الجهوي، محرك لاقتصاد إقليم تاونات ومدمج للإقليم ومحيطه في رهان ومخطط الجهة السياحي.


هكذا، يبقى سؤال التنمية السياحية الجبلية مطروحا إلى حين، ومعه سؤال تجاهل ما هناك من مؤهلات في هذا الإطار بإقليم تاونات، مع الأسف لا تزال بعيدة عن ثقافة الإجراء وآليات إدماج معقلن وحسن استثمار والتفات من قبل الجهات المعنية محليا وجهويا.


فأين هو مثلا جبل ودكة، الذي تغمره الثلوج لشهور عديدة وبمستوى قياسي شتاء كل سنة، ضمن خريطة التنمية الجهوية وتنمية قطاع السياحة الجبلية بإقليم تاونات؟ وأين قلعة امركو التي تقف شامخة تحكي أسطورة الإنسان عبر الزمان والمكان؟ وأين تبخرت أفكار مشاريع القطب السياحي بمنتجع بوعادل، التي كثيرا ما ملأت قاعات وكانت محور نقاشات وعروض وزيارات وتنقلات أنفقت عليها موارد مالية هنا وهناك؟ وأين هي مقترحات وطروحات شركاء وأطراف ذات صلة من أجل النهوض بقطاع السياحة الجبلية بالإقليم، ومنها مكونات المجتمع المدني التي عقدت عشرات الندوات واللقاءات، انتهت جميعها بعدد من التوصيات الواقعية القابلة للتنزيل وغير المكلفة تقنيا وماليا؟ ولماذا لم تحظ عدد من اقتراحات مكونات المجتمع المدني المحلي هذا بما ينبغي من تقاسم وتجاوب وموافقة وتفاعل من قِبل المجلس الجهوي للسياحة، علما أن تاونات لا تزال مع الأسف بدون مكتب للتواصل والتنسيق والتدبير السياحي.  ثم لماذا الإبقاء على حرمان عدد من الجماعات الترابية التابعة لإقليم تاونات من إغناء مواردها وثروتها، عبر تسويق ترابها ومؤهلاتها الغابوية والجبلية، ضمن برامج سياحية محلية رافعة وواعدة تنمويا، علما أن تحريك قطاع السياحة الجبلية بإقليم تاونات من شأنه تفعيل جملة أنشطة ذات صلة (حرف تقليدية ومنتجات ذات طبيعة فلاحية محلية ورياضة جبلية وأنشطة قنص …)؟


كل هذا الورش والحلم التنموي السياحي المحلي كان ينبغي انطلاق قطاره منذ فترة لجعل اقتصاد تاونات بنوع من الدينامية المنسجمة مع طبيعة التراب والإمكانات المتوفرة، مع بناء وتأثيث مستقبل سياحي جبلي قار بالمنطقة، وجعل تاونات ومحيطه قطبا مكملا رافعا للجهة الاقتصادية وللجهوية الترابية المنشودة.


فأين، إذن، المجلس الجهوي للسياحة بفاس من المؤهلات الخامة الطبيعية التي يحضنها إقليم تاونات؟ وأين مجلس جهة فاس مكناس من التنمية الشاملة بالجهة عوض ما هناك من إبقاء على نقاط تقليدية دون التفات لِما تزخر بها الجهة من مؤهلات واسعة، قيل وكتب حولها الكثير هنا وهناك بين مسؤولين ومدبرين ومنتخبين وجمعويين وإعلاميين ودارسين وغيرهم؟ أية أدوار وانشغالات لمجلس جهة فاس مكناس، إن لم تكن تروم البحث والتنقيب عن سبل وموارد تنمية مجالية وفك العزلة وتوفير فرص الشغل وتسويق التراب وفق ما ينسجم مع برامج ورهان الدولة على المديين المتوسط والبعيد؟ ولماذا غياب إقليم تاونات السياحي عن خريطة المجلس الجهوي للسياحة، الأمر الذي بات ملحوظا دون مبرر منذ عقود؟ أليس الذي ينقص هذا وذاك من مسؤولين ومدبرين ومنتخبين ومرافق ومؤسسات معنية بالتنمية السياحية هو تأسيس خطوات أولى عبر ما ينبغي من إرادة لجعل مجال تاونات الجبلي بدور داعم رافع للاقتصاد الوطني عبر الفعل المحلي السياحي؟.

Breaking News