مع حلول موسم صيف، تطفو إلى الواجهة إشكالية ارتفاع أسعار خدمات السياحة الداخلية التي يشكو منها العديد من الأسر المغربية التي اختارت قضاء الصيف في مختلف المدن المغربية وخاصة الوجهات السياحية المعروفة، حيث تواجه غلاء الأسعار سواء تعلق الأمر بكراء الشقق، أو المبيت في الفنادق أو الخدمات السياحية والمواد والوجبات الغذائية التي اعتاد أصحابها على استغلال فترة الصيف للرفع من أثمنتها بشكل مبالغ فيه.
ويتجدد النقاش خلال هذه الفترة من السنة حول مدى مساهمة هذه الارتفاعات في عدم تشجيع السياح الداخليين على قضاء عطلهم داخل أرض الوطن، ويدفع العديد منهم إلى تفضيل عدد من المدن الاوروبية لقضاء عطلتهم الصيفية.
وتعليقا على الموضوع، قال الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عمر الشرقاوي الذي وصف “السياحة الداخلية” بـ”السلخة الداخلية”، إنه “يمكن أن نطلق على ما يتحرك من أمواج من البشر بعضها يموج فوق بعض بالمدن السياحية والشاطئية المغربية أي شيء إلا أن تسمى السياحة الداخلية، يمكن أن ننعتها بالسيبة الداخلية، أو السلخة الداخلية، حيث يتعرض المواطن لعملية سلخ باستعمال مختلف طرق النصب والاحتيال والسرقة والتدليس من أجل قضاء بضعة أيام من عطلته السنوية رفقة عائلته”.
وتأسف الشرقاوي ، لكون “هاته السيبة الداخلية تجري في غياب تام للجهات المكلفة بالقطاع وحماية المستهلك ورجال إنفاذ القانون، وعدم تحمل مسؤولياتها في تدبير وتنظيم السياحة الداخلية وجعل تجار الفوضى والسماسرة يتسلطون على البلاد والعباد ويفرضون أسعارهم في الفنادق والإقامات بأثمنة أغلى من أسعار السياحة في لندن واشبيلية وتايلاند دون تدخل جدي وصارم من طرف السلطات متسترين وراء يافطة حرية الأسعار”.
وشدد الشرقاوي على أنه “من غير المفهوم، ترك المواطن فريسة لفوضى الأسعار من خلال التحجج الدائم بمبدأ حرية الأسعار من أجل تبرير زيادات صاروخية، وغير معقولة وغير منطقية، أحياناً، في خدمات السياحة الداخلية، خصوصا وأن القانون نفسه يتيح أيضاً إمكانية المراقبة والضبط أمام السلطات العمومية المختصة، حتى تظل الأسعار في حدود التلاؤم مع مستوى وجودة الخدمات من جهة، ومع المستوى المعيشي للأسر المغربية من جهة ثانية”.
وأكد عمر الشرقاوي، على أن “هروب أكثر من مليون مواطن مغربي لقضاء عطلتهم الصيفية بالخارج تقف وراءه هذه السيبة الداخلية التي جعلت بالاضافة إلى ما تروج له الدول السياحية من عروض مغرية بأسعار مخفضة تنافس السياحة الداخلية، الأمر الذي جعل عشرات الآلاف من الأسر لا سيما من الطبقة المتوسطة يقصدون وجهات سياحية باسبانيا أو البرتغال أو تركيا مما يؤدي إلى تسرب واضح لجزء كبير من العملة الصعبة خارج البلاد، بعدما كان بالإمكان الاحتفاظ بها هنا لو كانت هناك رقابة رسمية تنجي المواطن من السلخة الداخلية.”
ومن جانبه، وجه النائب البرلماني عن الفريق الحركي نبيل الدخش، سؤالا كتابيا إلى وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في شأن الإرتفاع المهول الذي تعرفه الخدمات السياحية بالمغرب.
وقال الدخش في سؤاله، إن السياحة الوطنية تعرف انتعاشة مهمة خلال فصل الصيف، لكنها تصطدم بغلاء أسعار المبيت في الفنادق، وكذا في ارتفاع أسعار العديد من الخدمات، التي لا تستطيع الفئات المتوسطة والمستضعفة تحملها.
وأضاف النائب البرلماني ذاته، أنه رغم الوعود الحكومية التي تقدمت بها الوزارة الوصية بها في جواب على سؤال كتابي تقدم به الفريق الحركي في الموضوع خلال السنة الماضية، إلا أنه لم يتم لمس أي تحسن على مستوى غلاء أسعار الفنادق وباقي الخدمات السياحية المقدمة للسياح المغاربة والأجانب.
وساءل المتحدث ذاته، الوزيرة عن سبل تشجيع السياحة الداخلية، وعن عزم الوزارة توفير منتوجات سياحية في متناول المواطنين المغاربة.