عادل عزيزي
يعيش إقليم تاونات تهميشا ممنهجا نتيجة ضعف سياسات التنمية وتفشي ظواهر المحسوبية و الزبونية وانعدام المسؤولية التي أصبح يتحدث عنها الجميع، وهذا إشكال عويص نعيشه بالإقليم، لكنه ليس إشكالا وحيدا، ذلك أننا نعاني معضلة كبيرة تتعلق بإنتاج النخب القادرة على التسيير والتدبير بشكل عام والمساهمة في تحمل المسؤولية واتخاذ القرار في إعداد السياسة العمومية المحلية، وتجاوز حالة الجمود والتسيب الذي نعاني منه لعدة سنوات، ذلك لأن أغلب الأطر والكفاءات من أبناء الإقليم الذين غادروه وتولوا مناصب إدارية و وظيفية على مستوى عال في مراكز القرار بالدولة لم يلتفتوا بعد مغادرتهم للإقليم لكي يردوا له الجميل، ويعيدوا له الاعتبار أو يتحملوا جزءا من همه ومعاناته ، بل وكثير منهم اليوم يكتفون بالنقد المتعالي والتهكم والسخرية والنأي بالجانب عن معمعة ما يسمونه الفساد المستشري.. حتى ومن موقعهم بمراكز القرار و وظائفهم المرموقة لم يعملوا على أداء حق الإقليم عليهم، وهذا النوع من التملص من مسؤولية الدفاع والترافع من أجل قضايا التنمية المحلية على
المستوى المركزي جعل من إقليم تاونات الأكثر تهميشا على صعيد الوطن و الجهة و الأقل استفادة من الدينامية التنموية التي شهدتها غالبية المدن و الإقاليم في السنين الأخيرة ، خاصة إذا أضفنا معطى ضعف الأداء البرلماني لمنتخبي الإقليم الذين بعضهم يترشح فقط من أجل الدفاع عن مصالحه الشخصية.
بل إن عددا من المشاريع الكبرى التي كان يتوسم التاوناتيون فيها خيرا ، لا يعرف أحد مصيرها كمثال مشروع النواة الجامعية و مشروع المركب الرياضي…
كما نجد ان النخب المحلية أغلبها لا تتعامل مع الشأن المحلي إلا بمنطق المقارعة الانتخابية والمصلحة الشخصية دون أدنى غيرة على الصالح العام …أما النخب من غير أبناء المدينة فأغلبهم لا يبالي ويقتصر نشاطهم على العمل الجمعوي النخبوي والمجالات المغلقة.. ، فخارج العلاقات الوظيفية والعلاقات الاجتماعية الشخصية لا نجد لهم حضورا يذكر في الدفاع عن قضايا الشأن العام المحلي.
و في المقابل فان النخب السياسية المحلية بالإضافة إلى افتقادها للثقافة السياسية السليمة، فإنها تتعامل بمنطق “الوزيعة” المنفعية والزبونية والتملق للسلطة وانتظار المواسم الانتخابية دون أدنى اعتبار إلى المصلحة العامة..
و أخيرا يبقى الرهان أكثر إلحاحا اليوم، هو إنتاج نخب محلية شابة، لأن استمرار غياب الشباب عن المشهد السياسي المحلي، ما هو إلا تكريس لحالة مرضية نعانيها على المستويين الوطني والمحلي، فمن الواجب إتاحة الفرص للشباب للمساهمة في الحياة السياسية والجماعية والمشاركة في تحمل المسؤولية وتدبير الشأن المحلي.