مِنْ فَشَل إلى فشل، هكذا هي الحصيلة الصِّفْر لعبد السلام البقالي عمدة فاس، فبعد فشله في تدبير المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة و إعفائه بشكل مذل من طرف وزير الصحة خالد آيت الطالب سنة في نونبر 2019 بسبب خطأ مهني فادح أدى إلى وفاة امرأة حامل آنذلك، ها هو مرة أخرى يفشل في تدبير جماعة فاس منذ تحمله لهذه المسؤولية.
فبعد سنتين على توليه رئاسة مجلس جماعة فاس، لم يستطع عبد السلام البقالي تحقيق حتى وعد واحد من الوعود التي قدمها للساكنة و التي كان من بينها حل مشكل النقل الحضري و توفير حافلات في المستوى للمواطنين، و تقديم خدمة النظافة في كل الأحياء بشكل يليق بصورة العاصمة العلمية.
الحصيلة الخاوية للعمدة أثارت استياء أبناء مدينة فاس، مطالبين في عدة مرات برحيله و ابتعاده عن تدبير الشأن المحلي، متسائلين في نفس الوقت “كيف لمن فشل في تدبير مندوبية للصحة أن ينجح في تدبير الشأن المحلي لأكثر من مليون نسمة بالحاضرة الإدريسية ؟” معادلة شبه مستحيلة ربما، ففاقد الشيئ لا يعطيه. مَنْ لم يتمكن من تدبير مرفق صحي بسيط بالتأكيد سيكون عاجزا عن تدبير مجلس جماعي بحجم مدينة فاس.
هذا العجز الواضح في تدبير الشأن المحلي بمدينة فاس لا يعدو أن يكون أيضا عجزا في التفكير و في تغيير آليات التدبير ؛ فلا يمكن للشخص أن يحصل على نتائج مختلفة و هو ينهج نفس الأسلوب و يتبع نفس الأسباب. لهذا كان حريا بالسيد العمدة أن يفتش عن طرائق جديدة و متجددة تساعده على النجاح في مهامه المنوطة به، لكن و للأسف لا حياة لمن تنادي.
بالمقابل، و في مقارنة قيّمة قد تزرع شيئا من الغيرة في نفس العمدة، سنشير هنا إلى النجاح الذي حققته 3 نساء عمدات في تدبير مدنّهن : السيدة أسماء غلالو عمدة الرباط، السيدة نبيلة الرميلي عمدة الدار البيضاء، و السيدة فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش. مشاريع كبرى أطلقتها نساء بدأت مؤخرا تغير معالم المدن التي يُدَبِّرْنَ شؤونها : “باص واي” في الدار البيضاء، تصميم التهيئة الحضرية بالرباط و آخر بمراكش ببنيات تحتية هامة سيمكنان المدينتين من أن تصبحا ذات جاذبية اقتصادية و سياحية أكبر. “هادو هما العيالات القادات ماشي بحال شي راجل يا حسرة”.
سنتين على تولي تدبير الشأن المحلي بفاس لا جديد فيهما يذكر، لكن القديم الجديد هو استمرار أزمة النقل الحضري و سوء تدبير العديد من المرافق العمومية كالمحطة الطرقية و سوق الجملة و سوق السمك..
فهل هي اللعنة التي حلّت بمدينة فاس ؟ أم هو سوء طالع العمدة ؟ أم هي انعدام الكفاءة و سوء التدبير ؟ أم ماذا حل بعاصمة العلم و الحضارة ليتحول للأسف مصيرها إلى هذا الشكل الذي هي عليه اليوم ؟