تاونات.. تراكم مشاكل النقل المدرسي ينذر بغليان اجتماعي

الحقيقة 2426 سبتمبر 2023
تاونات.. تراكم مشاكل النقل المدرسي ينذر بغليان اجتماعي

يعيد الدخول المدرسي كل سنة بإقليم تاونات مشاكل النقل المدرسي الى الواجهة، حيث يواجه تلاميذ عدد من الجماعات الترابية بالإقليم معاناة حقيقية بسبب النقص الحاصل في وسائل النقل المدرسي، وغيابها في بعض المناطق الأخرى، وهو ما يعيد المشكل إلى الواجهة مع كل بداية الموسم الدراسي، ويطرح من جديد مشكل غياب دور المنتخبين والسلطات المحلية والإقليمية في إنهاء هذا المشكل بشكل نهائي.


كبيرة هي المعاناة التي يتخبط فيها الآلاف من تلاميذ المؤسسات التعليمية، خصوصا الذين يأتون من المناطق الجبلية والنائية إلى مكان تواجد المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية، بدءا من الاكتظاظ. خصاص مهول
تزايد الطلب في بداية الموسم الدراسي الحالي على النقل المدرسي، خصوصا في بعض المناطق الواقعة على بعد عشرات الكيلومترات عن الثانويات والإعداديات، بسبب ارتفاع عدد التلاميذ، وغياب وسائل النقل الكافية لنقلهم، وهو ما دفع سكان العديد من الدواوير إلى الخروج مؤخرا في مسيرات احتجاجية للمطالبة بضرورة توفير الحافلات الكافية لنقل أبنائهم إلى مؤسساتهم التعليمية.
سعيد.م، من ساكنة جماعة عين عائشة، أكد أن خدمات النقل المدرسي بمنطقته ضعيفة ولازالت في حاجة إلى التطوير، وإلى سهر السلطات الإقليمية على تذليل الصعوبات والعمل على تأمين تنقل التلاميذ من وإلى المؤسسات التربوية والحرص على تجنب الاكتظاظ وإيجاد ظروف أكثر أريحية.


وأضاف المتحدث، في تصريح “للحقيقة 24″، أن النقص الحاصل في وسائل النقل المدرسي، خصوصا بالمناطق الجبلية، يجعل التلاميذ “سجناء” أمام المؤسسات التعليمية من الصباح إلى المساء، دون تغذية وبدون مراجعة، وهو ما ينعكس على سلوكياتهم ومكتسباتهم العلمية، مطالبا بضرورة توفير وسائل النقل المدرسي للتلاميذ.
من جهته، لفت رشيد. س، من جماعة أولاد داود، إلى أن تلاميذ دوارها بدورهم يعانون ويلات الاكتظاظ في سيارة النقل المدرسي الوحيدة التي تؤمن تنقلهم من وإلى المؤسسة التعليمية، مشيرا إلى أن السيارة تقل ما يناهز 50 تلميذا، في وقت لا يتعدى العدد المسموح به 14 تلميذا، وموضحا أن حياة التلاميذ في خطر، خصوصا أن الجهات الإدارية المسؤولة غير مبالية، وفق تعبيره.


وشدد رشيد، في تصريح “للحقيقة 24” على أن وضع النقل المدرسي بجماعته وبباقي جماعات الإقليم لا يبشر بخير، وينذر باحتجاجات شعبية من أجل المطالبة بتعميم النقل المدرسي.
مخاطر النقل المدرسي
يعتبر الاكتظاظ وعدم توفر الحافلات في بعض المناطق وعدم انتظام المواعيد، وضعف التغطية، خصوصا بالمناطق القروية والنائية، أهم ما يشغل بال التلاميذ وأوليائهم؛ فضلا عن مشاكل توقيت نقل التلاميذ الذين يقطنون بعيدا عن مؤسساتهم التعليمية، وتحديدا الذين يقطنون بالمناطق الجبلية.
بدوار تايع لجماعة سيدي امحمد بلحسن، وفي الساعة الثانية عشرة زوالا، تجمع عدد من تلاميذ الدوار، وبمجرد وصول السيارة التي تقلهم سارعوا للحصول على مكان للجلوس على الكرسي، فيما الباقون يقفون إلى أن يصلوا المؤسسة التعليمية، ونفسيتهم محطمة بسبب الازدحام.
هذا المشهد يتكرر في باقي مناطق الإقليم، حسب تعبير عدد من التلاميذ ممن تحدثوا للجريدة، مشددين على أن عددا من زملائهم في الدراسة غادروا أسوار المؤسسات التعليمية هروبا من هذه المشاهد القاسية التي يعيشونها يوميا في وسائل النقل المدرسي، وفق تعبيرهم.


محمد .ك ، فاعل جمعوي من جماعة بوشابل، طالب الجهات المسؤولة بالتدخل من أجل توفير حافلات النقل المدرسي للتلاميذ ومراعاة بعد المؤسسات التعليمية، وناشد السلطات الإقليمية التدخل من أجل توفير وسائل النقل المدرسي الكافية لكل جماعة، محملا المسؤولية “للمنتخبين والسلطات الإقليمية ووزارة التربية الوطنية في حالة وقوع كارثة إنسانية بسبب الوضع الحالي للنقل المدرسي”، وفق تعبيره.
غياب أرقام رسمية
جريدة الحقيقة 24 الإلكترونية، وخلال إعدادها هذا الروبورتاج، اتصلت بأكثر من مسؤول منتخب ومسؤولين معنيين، من أجل الحديث في الموضوع ومعرفة رقم رسمي حول عدد وسائل النقل المدرسي بالإقليم، إلا أنها لم تتمكن من ذلك، إذ تهرب الجميع من إعطاء الرقم.
وفي هذا الإطار أكد محمد.م، فاعل جمعوي، أن غياب رقم رسمي راجع بالأساس إلى غياب الانسجام بين المسؤولين بالإقليم، مشددا على أن “الداخلية على علم بالمشاكل المتفاقمة بهذا القطاع الحساس، وعليها أن تتدخل من أجل إنهاء هذه المشاكل للحفاظ على مصالح المواطنين”.


المتحدث ذاته قال في تصريحه للحقيقة 24 إن مسؤولية النقل المدرسي واحتمال عودة الاحتقان إلى الشارع العام بسببه تتحملها السلطات الإقليمية ومجلس إقليم تاونات والمجالس الترابية، مشيرا إلى أن الحافلات التي توزع على الجماعات الترابية تتم وفق منطق الولاءات السياسية.


يظل النقل المدرسي يؤرق سكان الجماعات القروية والدواوير النائية وذات المسالك الوعرة بإقليم تاونات، وفيما لا يزال بعض التلاميذ وأولياؤهم يحتجون ويطالبون بتوفيرها، فإن آخرين استسلموا للأمر الواقع، وراحوا يبحثون عن وسيلة أخرى، فلجأوا إلى سيارات النقل السري والدواب والمشي على الأقدام كيلومترات عديدة، رغم مشقة الطريق والظروف المناخية الصعبة في عز الحر والشتاء.

Breaking News