في إطار سلسلة من الحوارات التي دأبت جريدة الحقيقة24 على مواكبتها و لإغناء و بلورة النقاش على مستوى أوسع مع النخبة السياسية و الثقافية و القضائية بجهة فاس مكناس ، نستضيف في هذا الحوار الدكتور عدنان المتفوق ،دكتور في الحقوق و عضو المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب مكلف بالإعلام والتواصل . من خلال هذا الحوار سنقف على اهم مضامين مدونة الاسرة و هل الاتفاقيات الدولية و دستور 2011 انصف المرأة و الطفل .
دكتور عدنان مرحبا و شكرا لقبولكم إجراء هذا الحوار
س– ما هي المرجعيات التي اعتمدتها مدونة الأسرة الحالية ؟
ج- قبل التطرق لدور مدونة الاسرة في حماية الأسرة وضمان استمراريتها وحمايتها، لا بد من الحديث أولا عن المرجعية الشرعية الممثلة في الفقه المالكي والاجتهاد الذي يراعي قيم الإسلام في تحقيق المساواة والعدل والمعاشرة بالمعروف، مع الانفتاح على باقي المذاهب الفقهية الأخرى إذا كانت تحقق مصلحة مشروعة للأسرة.
استحضار البعد الدولي الحمائي للاسرة المتمثل في اتفاقية في محاربة جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979، وكذا اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، واللذان سبق أن كانتا محل مصادقة من طرف المملكة المغربية الشريفة، ذلك أن اهم ما جاء في الاتفاقية الأولى هو رفع الحيف عن المرأة وضمان الولوج المنصف للعدالة، بينما دهبت الاتفاقية الثانية إلى جعل المصلحة الفضلى للطفل كخيار استراتيجي لجميع القوانين والبرامج التنموية.
الحديث عن مدونة الاسرة يجرنا كذلك للتطرق عن العناية المولوية السامية للأسرة المغربية والتي تتجسد من خلال خطب مولانا أمير المؤمنين ادام الله نصره، منها خطاب جلالته الموجه للأمة بتاريخ 30 يوليو 2022 بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لخطاب العرش، والذي جاء فيه:
(…. أن مدونة الاسرة، ليست مدونة للرجل، كما انها ليست مدونة للمرأة، وإنما هي مدونة للأسرة كلها.
فالمدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، كما انها تعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الاطفال) انتهى النطق الملكي.
واستجابة للاتفاقيات الدولية المصادق عليها وللإرادة الملكية السامية ومطالب مكونات المجتمع المدني على اختلاف مشاربهم الهادفة إلى ضمان مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة جاء دستور 2011 وكرس هذه المساواة من خلال الفصل 19 منه الذي نص : (يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها….) انتهى النص الدستوري
س- ما هي أهم مضامين مدونة الأسرة للولوج المنصف الى العدالة الدكتور عدنان المتفوق ؟
ج- لعل اهم ما جاءت به مدونة الاسرة الحالية من اجل ضمان الولوج المنصف للعدالة، توحيد سن الزواج في سن ثمانية عشر سنة شمسية كاملة، وجعل الولاية حق للمرأة الرشيدة، وجعل المسؤولية مشتركة للابوين اتجاه ابنائهما، وتقييد التعدد بالمبرر الموضوعي الاستثنائي مع القدرة على الإنفاق، وتوسيع حق المرأة في طلب التطليق، وتوسيع حماية حق الطفل في النسب، وتضييق حالات نفيه، ومراعاة المصلحة الفضلى للطفل في تطبيق مدونة الاسرة سواء في الشق المتعلق بالحضانة أو توفير سكن للمحضون كواجب مستقل عن بقية عناصر النفقة، وتخويل الحفيد والحفيدة من جهة الأم على غرار ابناء الإبن حقهم من حصتهم من تركة جدهم عملا بالاجتهاد والعدل في الوصية الواجبة، وإقرار مبدأ جواز الاتفاق بين الزوجين في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج على وضع إطار لتدبير أموالهما المكتسبة خلال فترة الزواج.
س- في حالة عدم الاتفاق دكتور حول مساهمة كلا الزوجين ، ما هي المساطر المُتبعة التي يتم اللجوء اليها ؟
ج- في حالة عدم الاتفاق يتم اللجوء إلى القواعد العامة للإثبات لتقدير مساهمة كلا الزوجين في تنمية أموال الأسرة، وتبسيط مسطرة الزواج بالنسبة المقيمين بالخارج من خلال الاكتفاء بتسجيل عقد الزواج لدى ضابط الحالة المدنية المختص وبحضور شاهدين مسلمين.
س- ما هي التوصية التي يمكن اعتمادها كمنطلق لتعديل مدونة الأسرة ؟
اذا كانت الترسانة التشريعية غنية بتنوع مصادرها الفقهية والدولية والقانونية فإن ذلك يتطلب ان يكون هناك انسجام وتناغم بين هذه النصوص المرجعية في تنظيم اي مؤسسة قانونية معينة في المدونة، فالحقوق والمسؤوليات ينبغي أن تكون مشتركة ومتبادلة بين الرجل والمرأة فيما بينهما واتجاه الأبناء سواء اثناء سريان العلاقة الزوجية او بعد انتهائها.
شكرا الدكتور عدنان المتفوق على إجرائكم هذا الحوار المقتضب حول مدونة الاسرة الحالية و التوصيات