يُعتبر خبث السياسة ظاهرة تاريخية لا تقتصر على حقبة زمنية معينة، بل تمتد جذورها في تحولات اللعبة السياسية وتفاعلات المجتمع حيث تتسارع التحولات في عالم السياسة، وتظهر آثارها على نسيج المجتمع بشكل لا يمكن إنكاره.
مناسبة هذه المقدمة تأتي في سياق متابعتنا لقضية النائب الأول لعمدة فاس الاستقلالي محسن منادي و المتعلقة بتوقيع هذا الأخير على رخصة ربط بناية أحدثت بطريقة غير قانونية بالتيار الكهربائي على مستوى النفوذ الترابي لمقاطعة سايس (عين اعمير) ، و التي تفجرت بعدما أحال السيد والي جهة فاس مكناس ممثل الداخلية تقريره إلى النيابة العامة مُنع على إثرها نائب عمدة فاس من مغادرة التراب الوطني يوم الجمعة الماضي عبر مطار فاس سايس .
و في التفاصيل ، علمت الحقيقة 24 من مصادر مطلعة، أن السبب الرئيسي الذي يعود إلى هذه الواقعة هو توقيع نائب العمدة على الترخيص ب”حسن نية” بعدما تم التأشير على الترخيص من طرف الموظف المكلف بالملف رئيس المصلحة بالجماعة، و هو ما يستدعي طرح السؤال حول تراتبية المسؤوليات و أخلاقيات التدبير الجماعتي التي تقتضي صِدقيّة الموظفين في القرارات التي يتخذونها، فيكون تأشير نائب العمدة تأكيدا و عطفا لتوقيع الموظف رئيس المصلحة.
بالإضافة إلى هذه المعطيات، أفادت مصادرنا أنا نائب العمدة يوم تأشيره على هذه الرخصة “الملغومة” أراد قضاء مصالح المواطنين و تسريع الإجراءات الإدارية التي من شأنها تخليق مرفق الجماعة، من خلال توقيع “المراسلات” المعروضة عليه ذاك الصباح، و ككل يوم حسب ما تقتضيه مسؤوليته و التفويض المخول له .
مباشرة بعد توقيع السيد نائب العمدة، تربص به المتربصون و ما هم سوى مُستشارَيْن من حزب التجمع الوطني للأحرار أرادا حسب مصدرنا الاسترزاق من خلال ذلك الترخيص عن طريق توقيعه من طرف زميلتهم التي تشغل نائبة رئيس مقاطعة و التي تنتمي الى نفس الحزب الذي ينتميان إليه مقابل مبلغ مالي مهم حسب ما أفاده مقربون من صاحب البناية العشوائية و ليس نائب العمدة محسن منادي ، فما كان لهما إلا أن أثارا داخل الجماعة و عبر الإعلام مسألة هذا التوقيع بسوء النية بهدف الإطاحة بنائب العمدة المعروف بنظافة يده و انحداره من عائلة ميسورة و عريقة .
و لعل هاته الأزمة التي سقط فيها نائب العمدة كان لها الفضل بالمقابل في الكشف عن مكر بعض المستشارين و نيتهم المبيتة في إسقاط زميلهم في مستنقع لم يكن له أية مسؤولية إلا خدمة المواطنين و تبسيط المساطر الإدارية حسب ما ينادي به صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاباته .
من جهتنا كصحفيين في الحقيقة 24 و من خلال المعطيات المتوفرة و ما استقيناه عن محسن منادي بصفته النائب الاول لرئيس مجلس جماعة فاس ، و ما تتداوله عامة الساكنة الفاسية بخصوص هذا الأخير، فإن الكل يشهد بنزاهته و نبل أخلاقة و اجتهاده في خدمة الصالح العام في الاحترام التام للقانون، و الدليل سحبه للترخيص مباشرة بعدما اكتشف هذا الخطأ الذي أوقعه فيه الموظف.
يشهد الاستقلالي محسن منادي تضامنًا واسعًا من جانب مؤيديه وعدد من الفعاليات الجمعوية بالحاضرة الادريسية فاس، مما يعكس الثقة الشديدة في نزاهته والرفض الشديد لأساليب التشويه السياسي ، و التأكيد على أنها مغالطات تستهدف سمعته .
سنعود للموضوع لكشف المزيد من خيوط هذا الخبث السياسي و اماطة اللثام عن المستشارين التجمعيين و الذين قادا حملتهما المسعورة ضد الاستقلالي نائب عمدة فاس .