شهد عام 2023 وهو يشرف على نهايته، عددا من الأحداث الاجتماعية غير المسبوقة والتي تجاوز صدى بعضها حدود المغرب، في هذا التقرير المختصر سنستحضر واياكم أحد أبرز الأحداث المؤلمة التي شهدتها بلادنا ألا وهو “زلزال الحوز” ، الذي كانت له تداعيات اجتماعية واقتصادية كبرى على المغرب.
سيظل 8 شتنبر 2023 تاريخا حيا في أذهان المغاربة خلال العقود القادمة، ففي الـ11 ليلا اهتزت الأرض تحت أقدام الملايين قبل أن يعوا بعد ذلك بساعات أن الأمر يتعلق بزلزال بقوة 7.2 درجات على مقياس ريختر ومركزه جماعة “إغيل” بالحوز.
الزلزال الذي خلف دمارا بمدينة مراكش وأقاليم الحوز وورزازات وأزيلال وتارودانت وشيشاوة، استشعر به كذلك سكان الرباط والدار البيضاء وفاس والعديد من مدن المملكة.
فالبرغم من أن الفاجعة قد أسفرت عن وفاة 2960 شخصا وخلفت خسائر كبيرة في المباني السكنية والطرقات، إلا أن قيم التضامن والتآزر التي أبان عنها المغاربة آنذاك ساهمت بشكل كبير في محو قساوة مشاهد الدمار والموت التي عاشتها ساكنة المناطق المنكوبة في تلك الليلة السوداء.
زلزال الحوز :“ملحمة التضامن والتآزر”
بالقليل قبل الكثير وفعلا لا قولا فقط. هكذا هب المغاربة لتلبية نداء الوطن بعد فاجعة الزلزال التي صُدم من هولها الجميع بمختلف أنحاء العالم. فقد اهتز الحوز ليلا، وتداعى كل شبر من المملكة وتحرك أبناؤها آنيا وتلقائيا ليعبروا عن قيم التضامن والتلاحم والكرم بين المغاربة التي برزت خلال الساعات الأولى من وقوع الفاجعة.
تضامن في صور مساعدات غذائية وأفرشة وملابس في كل الجهات. تلاحم تجسد في طوابير المستشفيات والمراكز من أجل التبرع بالدم واستعداد يبرز في تقديم المساعدة في كل جوانب الإنقاذ و رفع الأنقاض.
مشاهد قوافل التضامن، وصور سيارات وشاحنات المغاربة المتجهة صوب مناطق الزلزال، وحملات مواقع التواصل الاجتماع ، وصور مغاربة العالم وهم يساهمون ويُواسون عائلات الضحايا، وصور السلطات والجيش الملكي والهيئات الطبية وهي تسعف الساكنة…، كانت “درسا مغربيا جديدا ينضاف إلى سلسلة الدروس المغربية في التضامن والتآزر”.
اليوم وبعد مرور 3 أشهر على الزلزال بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها، وشرع السكان في مجموعة قرى ثلاث نيعقوب بالحوز في دجنبر الجاري في إعادة بناء منازلهم المتضررة وفق تصاميم نموذجية تراعي خصوصية المنطقة وذلك بعد تلقي تعويضات من الدولة.
ويأمل السكان من خلال إعادة بناء منازلهم في العودة إلى حياة الاستقرار كما كان الوضع قبل وقوع الكارثة الطبيعية، وذلك بعدما قضوا أشهرا في إقامات مؤقتة وخيام لم كافية لحمايتهم من برودة الجو وتقلبات الطقس سوى أسابيع.
ربما ستعود الحياة اليومية كما كانت، إلا أن الألم وفقدان الأهل والأقرباء لن يفارق مخيلة المتضررين من هذا الزلزال، كما لن تستطيع الأيام محو ذكرياتهم رغم إعادة بناء جدران منازلهم المنهارة.