مشهد مسن يمسك يد زوجته المسنة والمريضة ليعبر بها الشارع على مستوى شارع علال ابن عبد الله وسط فاس هو مشهد يتجاوز حدود اللحظة الآنية ليعبر عن معانٍ أعمق وأسمى.
صورة التقطتها عدسة الحقيقة24 ،تجسد لقيم العشرة الحقيقية والمودة والرحمة التي أوصى بها الدين الإسلامي الحنيف في الزواج،حيث تعتبر هذه القيم أساس العلاقة الزوجية السليمة والمستدامة.
في هذا المشهد الرجولي و الرومانسي نرى رجلاً في سنوات عمره الأخيرة، يواجه تحديات الحياة برفقة شريكة حياته التي ربما عاشت معه عقوداً طويلة، تقاسموا خلالها الأفراح والأقراح، السراء والضراء. هذه اللحظة التي يمسك فيها بيدها ليعبر بها الشارع ليست مجرد فعل مادي، بل هي تعبير صادق عن التزامه ووفائه بالعهد الذي قطعه أمام الله وأمام الناس يوم تزوجها في ريعان الشباب .
إن الإسلام جعل الزواج ميثاقاً غليظاً، قائم على أسس من المودة والرحمة. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (الروم: 21). هذه الآية تلخص فلسفة الزواج في الإسلام، حيث يتطلب من الزوجين ليس فقط الحب والمودة، ولكن أيضاً الرحمة التي تتجلى في المواقف الصعبة والتحديات الحياتية.
المسن الذي يمسك بيد زوجته المريضة يجسد هذه الرحمة بأسمى صورها، فهو لا يتركها تواجه مصاعب الحياة وحدها، بل يقف إلى جانبها يدعمها .
هذه الصورة تعيد إلى أذهاننا الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد على حقوق الزوجين بعضهما على بعض. فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”.
إن مثل هذه المشاهد تذكير بأهمية الرعاية والاحترام المتبادل بين الزوجين. في مجتمع يتسم بالتسارع والتغير المستمر، تظل هذه القيم ثابتة وراسخة، تشكل الأساس لبناء علاقات زوجية قوية ومستدامة.
في النهاية، هذا المشهد ليس مجرد عبور شارع، بل هو عبور حياة بأكملها، مملوءة بالعطاء والتضحية والوفاء. إنه درس في كيفية العيش بروح الإسلام الحقيقية، متبعين نهج الرحمة والمودة في كل جوانب حياتنا.
