تشهد مدينة فاس، الحاضرة الإدريسية التي طالما كانت منارة للممارسة السياسية في المغرب، حالة من الجمود السياسي غير المسبوق بعد استحقاقات 8 شتنبر2021.
فاس، التي كانت على مدار تاريخها مركزاً للحراك السياسي والاجتماعي، أصبحت اليوم تبحث عن قيادات سياسية غائبة و أحزاب مختفية ، تاركة الساكنة في حالة من الترقب والقلق بشأن مستقبل المدينة.
منذ الانتخابات الماضية، التي أفرزت مشهداً سياسياً ضئيلاً في المدينة، بدأت تظهر علامات التراجع في النشاط السياسي، فقد كان من المتوقع أن تكون هذه الانتخابات نقطة تحول في تعزيز التنمية المحلية وتحقيق وعود انتخابية طال انتظارها، إلا أن الواقع جاء مخيباً للآمال.
ففي الوقت الذي كانت الساكنة تتطلع إلى نهضة جديدة، فوجئت بحالة من الركود والجمود أصابت المشهد السياسي بالعاصمة العلمية .
المنتخبون، الذين كانوا يحملون شعارات التغيير والتنمية، يبدو أنهم غابوا عن الساحة السياسية، تاركين وراءهم فراغاً كبيراً في القيادة. فراغ أصبح يثير تساؤلات عديدة حول مصير المدينة ومستقبلها. هل عجز المنتخبون الجدد عن تلبية تطلعات الساكنة؟ أم أن هناك عوامل أخرى تحول دون تحقيق البرامج الانتخابية التي وُعدت بها؟ ام ان مجيئهم من اجل نهب المال العام و تلقي الرشاوي قاد اغلبهم الى سجن بوركايز و الزليلك .
هذا الجمود لم يقتصر على غياب القرارات السياسية الفاعلة فقط، بل امتد ليشمل التواصل مع المواطنين، وهو الأمر الذي زاد من حدة الاستياء العام.
فقد كانت فاس دوماً مدينة حية بنقاشاتها السياسية وفاعليتها المجتمعية منذ عهد حميد شباط، إلا أنها اليوم تعيش في ظل غياب تام للتفاعل السياسي.
ما يزيد من تعقيد الوضع هو أن فاس تعاني من تحديات تنموية كبيرة تتطلب تدخلات عاجلة وقرارات جريئة، فالبنية التحتية تحتاج إلى تطوير، والاستثمارات المحلية والدولية تتطلب بيئة سياسية مستقرة وجاذبة بعيدة عن الابتزازات و الرسائل الوهمية و المجهولة ، والخدمات العامة بحاجة إلى تحسينات جذرية.
كل هذه القضايا كانت في صلب البرامج الانتخابية، لكنها ظلت حبيسة الرفوف و اصبحت وعود من الماضي .
الساكنة، التي كانت تأمل في أن تكون الانتخابات الأخيرة بداية لعهد جديد من التنمية والازدهار مع المجلس الحالي بتحالفه الهش و المغشوش من الأساس ، أصبحت اليوم تبحث عن أصوات مسؤولة وعن منتخبين يضعون مصلحة المدينة في مقدمة أولوياتهم.
في ظل هذا الوضع، تبرز الحاجة الملحة لظهور قيادات قادرة على كسر هذا الجمود السياسي والبدء في تنفيذ المشاريع التي من شأنها تحسين حياة المواطنين في فاس سيرا على خطة السلطات في شخص السيد والي جهة فاس مكناس السعيد ازنيبر الذي يقود مشاريع تنموية ضخمة بعدما يئس من هؤلاء المنتخبين الحاضرين الغائبين .
في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع عودة النشاط السياسي إلى الحاضرة الادريسية فاس ، يبقى السؤال مطروحاً: هل ستتمكن فاس من استعادة مكانتها كقاطرة سياسية وتنموية في المغرب، أم أن الجمود الحالي سيستمر في خنق آمال ساكنتها؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة على هذا السؤال، لكن ما هو مؤكد أن الساكنة لن تقبل بالجمود طويلاً، وستظل تطالب بالتغيير والقيادة الحقيقية.