قفة رمضان و الانتخابات بفاس. . . مبادرة خيرية مغلفة بالعمل السياسي

الحقيقة 2413 فبراير 2025
قفة رمضان و الانتخابات بفاس. . . مبادرة خيرية مغلفة بالعمل السياسي

مع اقتراب شهر رمضان كل عام، تشهد الساحة السياسية حراكًا مكثفًا من بعض الجمعيات ذات الخلفيات الحزبية، التي تستغل الحاجة الاقتصادية لفئات واسعة من المجتمع لتقديم مساعدات غذائية رمزية، تعرف بـ”قفة رمضان”. هذه القفة، التي لا تتعدى قيمتها بضعة دريهمات، غالبًا ما تتحول إلى أداة لاستقطاب الناخبين المحتملين، حيث تختلط فيها مشاعر التضامن بنوايا انتخابية واضحة، مما يطرح تساؤلات حول حدود العمل الخيري وتسييسه، خاصة و أن بعض الجمعيات بفاس و المحسوبة على أحزاب سياسية أصبحت تسترزق الأصوات الانتخابية من خلال “موسم القفة”.

من دون شك أن أن العمل الإحساني مستحب خاصة خلال شهر رمضان الفضيل، لكن عندما يصبح توزيع المساعدات مشروطًا بالولاء السياسي أو مرتبطًا بأجندة انتخابية، فإن هذا الفعل يتحول من عمل تطوعي نقي إلى وسيلة للتأثير على الفئات الهشة واستغلال حاجتها. فالفقراء لا يُنظر إليهم كأشخاص في حاجة إلى دعم مستدام، بل كأصوات انتخابية محتملة، مما يكرّس وضعية الارتهان الاقتصادي والسياسي لهذه الفئات.

و لعل فاس التي أصبحت تتذيل سلم التنمية في ترتيبها مع باقي المدن الكبرى، يتجلى فيها هذا الفعل الإحساني الانتخابي أكثر من باقي المدن، عبر توظيف جمعيات معروف انتماؤها السياسي، هدفها إقناع المستفيدين بالتصويت عى الحزب الداعم لتلك المبادرة في الانتخابات القادمة.

لهذا السبب يجب على وزارة الداخلية مراقبة مثل هذه المبادرات و الحرص على تفعيلها بالشكل السليم بعيدا عن التوظيف السياسي و الغطاء التضامني، حتى لا تضع هاته الجمعيات المستفيدين في دائرة الحاجة والانتظار، مما يؤدي إلى تعزيز الزبونية والاعتماد على المساعدات الموسمية بدل تحقيق تنمية مستدامة.

و ربما فإن الحل الأمثل يكمن في فصل العمل الخيري عن الحسابات الانتخابية، من خلال دعم المجتمع المدني المستقل وتعزيز آليات الشفافية والمساءلة في توزيع المساعدات، أو اللجوء إلى أعوان السلطة المحلية أو جهات مستقلة لتقوم بتوزيع القفة و السهر على أي عمل خيري.

الاخبار العاجلة