تشهد الأسواق المغربية خلال الأيام الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الخضر، ما يفاقم الأعباء المالية على الأسر، خصوصًا مع تجاوز بعض الأصناف حاجز العشرة دراهم للكيلوغرام، رغم توفرها بكميات كبيرة. هذا الارتفاع المفاجئ أثار استياء المستهلكين الذين يجدون أنفسهم أمام تكلفة معيشية متزايدة دون حلول ملموسة تحد من الأزمة.
وتشير مصادر مهنية إلى أن هذا الغلاء يرجع إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، أبرزها موجة الجفاف التي أثرت بشكل مباشر على الإنتاج الفلاحي، حيث تسببت قلة التساقطات في انخفاض المحاصيل الزراعية، مما انعكس على الكميات المتاحة في السوق. كما أن الطلب القوي من الأسواق الخارجية دفع العديد من المنتجين إلى توجيه كميات كبيرة من الخضر نحو التصدير، وهو ما ساهم في تقليل العرض المحلي ورفع الأسعار.
إلى جانب هذه العوامل الطبيعية والاقتصادية، أدى ارتفاع تكاليف النقل بفعل الزيادة المستمرة في أسعار المحروقات إلى زيادة إضافية في الأسعار النهائية للمنتجات. كما أن موجة البرد القارس التي اجتاحت عدة مناطق مغربية أثرت سلبًا على الإنتاج، حيث تسببت في تأخير نضج بعض المحاصيل، مما أدى إلى تراجع كمياتها في الأسواق.
في السياق ذاته، كشف تقرير برلماني أن تعدد الوسطاء في سلاسل التوزيع يعد أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في تضخم الأسعار. وأوضح التقرير أن غياب رقابة صارمة على نشاط هؤلاء الوسطاء يفتح المجال أمام المضاربة، ما يؤدي إلى زيادة غير مبررة في الأسعار، يدفع ثمنها المستهلك المغربي.
وأمام هذا الوضع، تتزايد الدعوات إلى تدخل حكومي أكثر صرامة للحد من المضاربة وضبط الأسواق. ويطالب مواطنون ومهنيون على حد سواء بفرض رقابة مشددة على الوسطاء وتقنين هامش أرباحهم، بما يضمن تحقيق توازن في الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي هذا الصدد، أكد أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة، أن القضاء التام على الوسطاء غير ممكن نظرًا لدورهم الأساسي في السوق، لكنه شدد على ضرورة تحديد هوامش أرباحهم بشكل واضح وشفاف لضمان تتبعها والحد من الممارسات التي تؤدي إلى رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه. وأوضح رحو، خلال لقاء صحفي، أن أكثر من 50 في المائة من سعر المنتجات الفلاحية يذهب إلى الوسطاء، مما يجعل تنظيم هذا القطاع أمرًا ضروريًا لضبط الأسعار وجعلها أكثر عدالة للمستهلكين.
وأمام هذه المعطيات، يترقب المواطنون إجراءات ملموسة من السلطات المختصة لضبط السوق، في انتظار حلول أكثر استدامة تضمن استقرار الأسعار وتخفيف الضغط على القدرة الشرائية، خاصة في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية الصعبة.